إذاً ما معنى أن نقول عن إنسان أن ضميره ميت؟ لو عدنا إلى نظرية التحليل النفسي لسيجموند فرويد، الذي وضع الأنا في موضع الحكم، وقال عندما يتخلى الأنا عن دوره الأخلاقي كما يجب، فإنه يترك المياه تتسرب إلى الجدران حتى تهدم أساسها.
فالضمير الميت، هو الأنا المتورم الذي نسي دوره الجماعي، وانكفأ على نفسه، وأصبح الإنسان يدور في الدائرة المغلقة، وبالتالي يصبح هذا الإنسان أنانياً لا يفكر إلا في نفسه، ويصير الآخر بالنسبة له معرقلاً في طريقه إلى تحقيق الأهداف الأنانية.

الأناني كائن مغلف بقرطاس معتقدات في ظاهرها تعبيد الطريق إلى حياة تسعد الآخر، وفي باطنها مخالب حادة تنهش جسد الآخر، ليعيش على حسابها الشخص الأناني.

واليوم نجد تيارات مختلفة الألوان والأشكال، والأطياف، تخوض حرباً ضروساً ضد الإنسانية تحت غلاف سميك وداكن، تنفذ من خلاله أجندة الأنا الواهمة، وتطيح الحضارة الإنسانية خلف شعارات سوداوية، وعدوانية، وفي واقعنا الراهن، ترزح الأمم تحت نير هذه العدوانية، وتسغب وتتعب، جراء الأنياب الصفراء، البارزة للعيان، من خلال ما نشهده اليوم على أيدي الوحوش البشرية التي دمرت الأوطان بوازع أنانية فجة، فعندما تصبح الأنا الفردية مكان الوطن، وعندما تختزل الأنا مفهوم الوطن في حوض ضئيل، ومغلق اسمه الأنا، فإن معنى الأخلاق البشرية، يتوارى، ويندثر تحت تراب هذا الورم الخبيث بأنانية كريهة، وفجة، وقميئة، وممجوجة، ويصبح العالم أمام بركان تاريخي، يلقي بحممه في الواقع، ويحول الحياة إلى مستنقع تعيش فيه الطفيليات، والجراثيم، والكائنات السامة.
ولو علم المتزمتون أن صحوة ضمير واحدة، جديرة بأن تطيح أوهامهم، وأن تنظف أدمغتهم من نفايات التاريخ، وأن تعيد للأوطان النور الذي انطفأ جراء الغبار الذي أثارته أقدام المسعورين، والدخان الذي نفثته نيران المشعوذين، واستراح العالم من كل هذه السموم التي أنهكت الجسد الإنساني، وأرهقت الأوطان، وبذرت مقدراتها، تحت وطأة مخالب الحماقة والبغضاء التي بذرها الأنا المتأزم، أو الضمير الميت.

ليت الحوثي ومن والاه يتعظ، ويعي ما يفعله في بلاده، بعد صحوة ضمير تعيد له توازنه.

المشكلة محصورة في الضمير، وليس غيره، المشكلة في هذا الأنا الغائب عن الوعي والذي ظن أنه سيكبر عندما يهشم جدران الوطن.