لا يصح إلا الصحيح، وهذا هو منطق الحياة. فقد أرادت إيران أن تلعب في المياه الضحلة، مستغلة وضع العراق المترهل، وسياسة المحاصصات، والتشققات التي أصابت الجسم السياسي، فتوغلت في المستنقع حتى ذابت أقدامها، وظنت أن هذا هو الوقت المناسب كي تلعب في أوراق الطائفية التي حلت بهذا البلد الذي كان يحمل أحلام عروبته على كتف تاريخه الإنساني العريق، ولكن لسوء النية التي ملأت عقل الأنظمة السابقة، وقع الإناء العراقي وتناثرت كل محتوياته وبقي فارغاً من المعنى، والمضمون، ما جعل الهواء الفارغ يتسلل من خلال الثقوب الواسعة التي ملأت الإناء.
اليوم وقد يئس الناس هُناك من الشعارات التي لم تجلب لهم غير الماء الملوث، والغذاء الفاسد، والغلاء الفاحش حتى باتت الماجدات يبحثن عن لقمة العيش من بين ركام النفايات، وصار الطفل العراقي ينتظر النهار حتى ينقشع ظلام الطاقة الكهربائية، ليرى حروف الكتابة في دفتره المدرسي.

 

فكان لا بد وأن يصحو الضمير الإنساني في صدور الشرفاء، كي يقولوا لا للتدخل الإيراني في بلاد الرافدين، لا لقاسم سليماني الذي طالما صال وجال في ربوع السياسة العراقية، محركاً رحى الطائفية بكل ما يملك من دعاية مغرضة هدفها تمزيق هذا البلد العربي، وتحويله إلى كانتون إيراني تعبث به عناكب البغضاء لكل ما هو عربي، والهدف ليس الدين، وإنما هو إحياء الحلم المجوسي الذي أطاح به الإسلام،

والعبور إلى الوجدان العربي العراقي، بلباس الدين، مستغلاً ما أصاب الإنسان العراقي من يأس، بالشعارات القومية السابقة، والشظف الذي حل بهذا الإنسان جراء التجاذبات المسفة بكرامة الإنسان، وأسواق بيع قطع الغيار المستهلكة التي راجت، وسادت، وتسيدت، وأصبحت شيمة الذين تخلوا عن قيم الإنسان الحر، وباتت الحرية المزعومة مجرد قماشة قديمة لا تصلح لستر العورة اليوم تنهض الجياد لتفر من أقفاص إيران الصدئة، وتذهب إلى الشارع، وتنظر إلى الحياة من منظور واعٍ، ومتجلٍ بأحلام زاهية، بعيداً عن الأجندات الواهنة وقد برزت حقيقة ما تروجه أبواق الولاية المعتصمة بغير الله، الرابضة عند شفة الهلوسات، وقيم ما بعد الفراغ.
إذاً لن تهنأ إيران بما حلمت به، وسوف يعود قاسم بأدراج الرياح العاصفة، التي تهب من ضمائر محبي العراق .. العراق وحده وليس غيره من اصطفافات.