الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

القرية العالمية.. متحف للتراث الإنساني

القرية العالمية.. متحف للتراث الإنساني
13 مارس 2020 00:08

أحمد النجار (دبي)

تثبت القرية العالمية حضورها على خط التأثير الناعم في ثقافات الشعوب، فقد أصبحت متحفاً مفتوحاً للتراث العالمي، وبوابة تاريخية تستعيد الجذور، وورشة تعليمية تفاعلية لإنتاج الماضي في قوالب عصرية، برؤية ثقافية إماراتية تروي قصص الآباء وحكايات الأجداد، بهجة كرنفالية تؤرشفها ألبومات تراثية، وجواهر مادية تحتفي بعادات الإنسان وجماليات البنيان.

طلاب وباحثون يحضّرون رسائل أكاديمية عن التراث العالمي، يجدون في القرية متنفساً لاهتماماتهم، وزوار من مختلف العالم، يحركهم شغف استكشاف تراث الشعوب في مكان واحد، فمن أرض الأهرامات، وأمام بوابة الجناح المصري، يجلس محمد شلبي حرفي مصري بالرسم بالرمل، حرفة عمرها يزيد عن 20 عاماً، درسها محمد في معاهد سياحة، يعرضها لأول مرة في القرية العالمية.

أشكال خشبية
وإلى أكبر ساحة تسوق لأرقى أنواع الجلود، داخل حدود جناح أفغانستان، يعكف مجتبي محمود زاده، المتخصص في حرفة النحت على الأخشاب، في صياغة تذكارات جميلة للزوار، وهي المرة الأولى التي يشارك في القرية العالمية، وأوضح مجتبي أن حرفة النحت على الخشب بالخط العربي عمرها 300 سنة، يعمل فيها منذ 15 عاماً مع 12 فرداً من عائلته.

بيوت البدو والرحل
وعلى مقربة من البوابة الثقافية، يتوافد زوار محليون وسياح من مختلف أنحاء العالم، على قرية مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، يتحلق الصغار حول سلامة عبدالله أم سعيد، تحدثهم عن حرفة غزل الصوف والنسيج التي تعمل فيها منذ 10 سنوات ورثتها من والدتها، منذ 50 سنة، التي لا تزال مرجعاً للمعلومات والتراث، موضحة: بعد أن يتم قص الصوف الأسود من الخرفان، يخلط الصوف مع شعر الماعز لبناء أسقف بيوت البدو والرحل قديماً، وتغطيتها من أعلى ومن الجوانب، ثم يتم تصفية الصوف، وغزله من مغزلين، ويتم برم النسيج بشكل تكويرها.

مراكز لغزل النسيج
وتعلمت سلامة فنوناً شعبية مثل النسيج باليد، ومثل «المحقبة والبطان» و«الزوار والساحة»، لا يفوتها نصح الأجيال الجديدة من المواطنين بالتمسك بالتراث، آملة افتتاح مراكز جديدة لغزل النسيج لاستيعاب الحرفيين القدامى، وتخريج جيل جيد من الحرفيين لضمان حماية الموروث الحرفي من الاندثار.

تسويق الحرف
يسأل الغالبية من الزوار عن منتجات للبيع، وهذا ما تأمله سلامة من المنظمين بالتحويل من عرض الحرفة إلى إنتاجها وبيعها وتسويقها إلى ثقافات مختلفة، خاصة أن الكثيرين يبدون ارتياحاً لزيارتهم لقرية مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، ويجدون فيها استراحة وجدانية وعفوية حياتية وبساطة جمالية، ففيها توجد البيئة البدوية الحضرية والجبلية، وهناك الحضيرة يجلس عليها الشباب لتعلم السنع الإماراتي، وتجد العائلات متنفساً لترفيه الصغار عند «المريحانة»، الأرجوحة القديمة، ويستمتعون عند «المنامة» مصطبة لجلوس الأطفال، وقد كانوا ينامون عليها الأولون أيام الصيف الحار.

امرأة بحرفة رجالية
على شرافات الجناح المغربي، الذي يتسم بتراثه الغني، ويشتهر بصناعة القفطان المغربي وأجود أنواع الزيوت العطرية والصابون ومستحضرات التجميل، تنهمك فوزية الكردودي مغربية، في حرفتها صناعة الأحزمة أو «الحزيمية» باللهجة المغربية، وتعتبر أول امرأة في مدينة سلا المغربية تشتغل بهذه الحرفة، وتعلمتها منذ 13 عاماً من شقيقها الأكبر، بدورها قامت بتعليم زوجها وتوريثها إلى أبنائها، لتكون مصدراً للرزق، فوزية تحل ضيفة للمرة الأولى على القرية العالمية، وتضع في اهتمامها تسويق الحرفة أكثر من بيعها، وتعريف الزوار التفريق بين الشغل اليدوي والمصنعي.

تحف فنية للمنازل
يجاور فوزية حرفي آخر، هو زهير قدادري، يشارك للمرة الرابعة في القرية العالمية، بحرفة صناعة الفخار، وعمرها أكثر من آلاف السنين، كانت تستخدم كأوعية للطبخ وشرب الماء قديماً.
وقال زهير: إنه يعمل بها منذ 14 عاماً، وتعلمها طفلاً من والده، معتبراً بأنها مصدر الزرق الوحيد، وأضاف: كل أقاربي يعملون بها، نجلب الطين من الجبل بأربعة ألوان مختلفة، نخلط معه الماء ثم نصفيه حتى يجف، ونستخدمه عبر ماكينة «اللولب»، التي تقوم بصناعة الأشكال المختلفة، وكان في السابق العمل يدوياً، لكنه تطور اليوم باستخدام مكائن كهربائية.

روائح الفنون
رحلة التراث إلى عوالم الماضي، تمتد داخل أجنحة البلدان المشاركة في القرية، لتحتفي بروائع الفنون الشعبية والصناعات الإبداعية، ويجسد حراس التراث في الجناح الهندي حياة تراثية تزدهر بالمشغولات القديمة، مثل: صناعة الخزف، والسيراميك، والسجاد، والأخشاب، وحرفة «البدري» التي يؤدها أمهر الأيادي في فن الترصيع، إلى صنّاع الأكسسوارات الخشبية في الجناح الأفريقي.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©