الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

معدلات القراءة العربية بحاجة إلى مراجعة

معدلات القراءة العربية بحاجة إلى مراجعة
15 مارس 2018 20:30
أشرف جمعة (أبوظبي) القراءة بكل ما تحمل من زخم فكري، نقطة مركزية تنطلق عبرها الحضارات وتزدهر من خلالها الأمم، ومنذ سنوات تصدر جهات أممية وعربية إحصاءات تزعم أن معدل القراءة لدى العرب منخفض، أبرزها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو»، إلا أن المدقق في تلك الإحصاءات يجد تضارباً في النتائج التي تتفق فقط على أن معدل القراءة في العالم العربي منخفض، ما يثير تساؤلات حول صدقيتها، وآليات تنفيذها، والعوامل التي تستند إليها. وهناك من يؤيد أن نسبة القراءة في العالم العربي منخفضة، فيما يرى آخرون أن القراءة ليست بهذا التدني، لكنها لا ترق للمستوى المطلوب، ما يدعو إلى البحث عن محفزات استمراراً للجهود الضخمة التي تبذلها الإمارات، التي أطلقت مبادرات كثيرة في هذا المضمار، منها إعلان مارس شهراً للقراءة. بيانات دقيقة يقول الناقد الدكتور صلاح فضل: إن الأرقام التي تصدر عن بعض الهيئات والمؤسسات بخصوص معدلات القراءة في العالم العربي «ليست دقيقة»؛ لأنه لا توجد آليات تسمح بإصدار بيانات صحيحة، لافتاً إلى أنه عندما كان رئيساً لدار الكتب المصرية، وقرر أن يجري إحصاء مماثلاً وجد أنه من الصعب الوصول إلى بيانات دقيقة في مجالات مثل معدلات إنتاج الكتب، ومعدلات الاطلاع الفردي في المكتبات العامة وفي المؤسسات التربوية، فضلاً عن معدلات التخصصات الأخرى مثل الصحف والمجلات وفروع الثقافة الإنسانية، مشيراً إلى أن النسب المطروحة حول معدلات القراءة في العالم العربي لا يعتد بها كونها محض هراء. ويرى أن مستوى القراءة في العالم العربي منخفض، ولا يرتقي للطموح، ولكن ليس بالنسب التي تظهرها مؤسسة، كهيئة اليونسكو مثلاً، مطالبا إياها بإنشاء إدارة خاصة للقيام بهذه المهمة ترتكز على أسس علمية ومعلنة. ويذكر فضل، أن الإمارات تبنت مشروعاً ضخماً في القراءة ومصر أيضاً، وأن تنشيط القراءة لدى أفراد المجتمع يحتاج إلى طرح الكتب بأسعار ميسرة، بحيث يتم دعم الكتاب مثل السلع الأساسية التي تدعمها بعض الدول، خصوصاً أن هذا المنحى يمثل أهمية قصوى في تنمية العقل العربي. عشرة عناوين يقول الكاتب خالد العيسى، رئيس مجلس إدارة مؤسسة هماليل، إن نسبة القراءة ليست متدنية في عالمنا العربي؛ نظراً للإقبال على الكتاب وكثرة الإصدارات، لكن من المهم العمل على رفعها، منبها إلى عدم الالتفات إلى الأرقام التي تصدر عن بعض الهيئات لأنها غير دقيقة وتعطي انطباعات غير إيجابية عن القراءة في العالم العربي. ويرى أن عمليات التحفيز على القراءة من الطبيعي أن تثمر عن شيء مفيد. ويورد «لو أن المقاهي تضع نحو عشرة عناوين للإطلاع، فإن هذا يحفز بعض روادها ممن يجلسون لاحتساء القهوة على القراءة»، لافتاً إلى أن الأفكار كثيرة في هذا المضمار لكن من المهم أن تفضي إلى شيء في مصلحة الفرد في المجتمع. ويذكر أن الإمارات تبنت مبادرات عملاقة للقراءة ينتشر صداها في كل مكان، وحققت منذ انطلاقها نجاحات كبيرة، وأثرت المجتمع، وحفزت الكبار والصغار على الإطلاع والتفاعل مع الكتاب، ويشير إلى أن القراءة متعة تنقل الفرد إلى أجواء مختلفة، وتمثل نافذة حقيقية للمعرفة فهي تثري الشخصية وترتقي بالوجدان. أثر إيجابي ترى الكاتبة أسماء الزرعوني، أن الاتهام الموجه للعرب عبر السنوات الماضية بأنهم لا يقرؤون «مبالغ فيه»، وأن هذا الادعاء يفتقر للصدقية خصوصاً في ظل انتشار الكتاب، وتعدد وسائل حضوره في المشهد الثقافي والاجتماعي والإنساني، فضلاً عن أن هناك نسبة تقرأ عبر المنافذ الإلكترونية والمواقع التي وفرت كماً كبيراً من الكتب في مختلف المجالات بما يشبع رغبة القراءة في اختيار أنواع الكتب التي تتناسب مع أذواقهم. وتشير إلى أنها عاصرت تجربة مفيدة في المكتبات إذا كانت في مرحلة سابقة ترى اهتمام الأطفال بالكتب وبحثهم الدائم عن عناوين تتلاءم مع مراحلهم العمرية المختلفة. وتوضح أنها لا تشعر بالرضا عن كل ادعاء يقول إن العرب أمة لا تقرأ لأن ذلك أمر مناف للحقيقة، خصوصاً أن الإمارات مثلاً لديها معارض للكتب مصنفة عالمياً، وهذا في حد ذاته دليل على أن القراءة مهمة في الأقطار العربية، وتشغل حيزاً كبيراً في حياة أفراد المجتمع. وتذكر أن الإمارات فتحت منافذ واسعة للقراءة من خلال إطلاق مبادرات ضخمة أحدثت أثراً إيجابياً وحفزت الجميع على مواصلة عادة القراءة التي تشكل الوجدان وترتقي بالإنسان، وتعمل على توسيع آفاق الفكر. نسب القراءة يرى الكاتب إبراهيم مبارك، أن عملية إحصاء نسب القراءة بشكل دقيق أمر صعب لأن الأحكام المطلقة لا تعبر عن الحقيقة حتى وإن كانت مدعمة بأرقام، مشيراً إلى أن القراءة تمس جوهر الفرد العربي وفي كل مكان وأنه لا غنى عنها، فهي الغذاء النفسي والروحي وعامل جوهري في الارتقاء بالذائقة وتشكيل العقل. ويرى أن العرب لديهم رصيد في القراءة وأن نسب القراءة قد تزيد وتقل لكن ثقافة الإطلاع حاضرة والتشجيع على القراءة مستمر عبر الكثير من المبادرات التي تحظى بمساندة على المستويات كلها.ويورد أن المؤسسات التربوية أوجدت استراتيجيات مفعلة وتمارس دورها في غرس ثقافة القراءة إلى جانب مع الأسرة، مضيفا «نحن نعيش مع الكتاب بشكل أو بآخر، لكن دائماً عمليات القراءة تحتاج إلى محفزات وتدعيم وتذكير». ويؤكد أن مبادرات القراءة في الإمارات أحدثت حراكاً ثقافياً كبيراً وذكرت بأهمية القراءة، لافتاً إلى أنه من المهم أن «نرتبط بتاريخنا وثقافتنا فهذا أهم بكثير من الالتفات إلى الأرقام الصادرة التي تعد أمراً صادماً يدعو للبحث عن الحقيقة». غير منطقي يرى إبراهيم حسن المنصوري «موظف»، الأرقام التي تصدر عن بعض الهيئات، زاعمة أن العرب أمة لا تقرأ «غير منطقية»، رغم تأييده أن نسبة القراءة العربية منخفضة جداً بالقياس لأوروبا. ويبين أنه لا يفارق الكتاب في البيت وحتى في العمل وعندما يسافر أيضاً، وأنه عندما يزور معارض الكتب في الدولة وخارجها يجدها تقدم عناوين مهمة في الفروع كافة. ويرى أنه من المهم أن يتم دعم الكتب لأن أسعارها الحالية قد تشكل عقبة لدى الكثير من القراء، لافتاً إلى أن العرب يحتاجون إلى زيادة إطلاق مبادرات تخص القراءة لا لأنها ضعيفة، ولكن للوصول إلى مستوى يتوافق مع التطلعات. استمرارية التحفيز يرى الشاعر محمد البريكي أن هناك انخفاضاً في مستوى القراءة عربياً، لكنها ليست بالنسب التي تصدرها بعض الهيئات لأن العرب أمة قارئة عبر التاريخ. ويورد أن القراءة عامل مهم في حياة الفرد، وتحتاج إلى تحفيز مستمر في ظل اهتمام الشباب بوسائل التواصل الاجتماعي التي تستهلك الوقت ولا تترك لهم مجالا للقراءة، لافتاً إلى أنه على الرغم من أهمية هذه المواقع وضروراتها في الحياة كونها وسائل تواصلية، إلا أنها أحدثت فراغاً في نواح أخرى؛ لذا لا بد من استثمارها في غرس ثقافة القراءة. سبل الديمومة يقول الناقد الفني طارق الشناوي، إن «القراءة لا تزال قائمة بصورة كبيرة في مجتمعاتنا ومن المهم أن تستمر عمليات دعم الكتاب والبحث عن سبل لوصوله بشكل غير مبالغ في ثمنه للقراء، وكذلك الاستمرار في إطلاق المبادرات الخاصة بالقراءة، وصولاً لاستمرار عادة القراءة في عالمنا العربي». تقارير متناقضة وفقاً لتقرير أصدرته «اليونسكو»، فإن أعلى نسبة أمية في العالم توجد في الوطن العربي، والقراءة هي آخر اهتمامات المواطن العربي. ونشرت الأمم المتحدة في تقرير لها حول عادات القراءة في العالم، أن معدل ما يقرأه الفرد في أرجاء العالم العربي سنوياً هو ربع صفحة فقط. وأظهر تقرير أصدرته مؤسسة الفكر العربي أنّ متوسط قراءة الفرد الأوروبي يبلغ نحو 200 ساعة سنوياً، بينما لا يتعدى المتوسط العربي 6 دقائق. وحسب إحصاءات المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم «الالسكو»، فإن العالم العربي يصدر كتابين مقابل كل مائة كتاب يصدر في دول أوروبا الغربية، علماً بأن هذه الأخيرة تنشر كل سنة كتاباً لكل خمسة آلاف شخص. في حين أورد تقرير «بريندان براون»، الذي نشره موقع «غلوبال إنغليش إديتينغ» حول عادات القراءة في العالم، أن مصر احتلت المرتبة الخامسة في ساعات القراءة أسبوعياً، فيما حلت السعودية بالمرتبة الحادية عشرة، متقدمتين على دول غربية صناعية كالولايات المتحدة وأستراليا وكندا وألمانيا وبريطانيا وإسبانيا وإيطاليا واليابان.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©