الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أم الدنيا

27 ابريل 2010 21:22
في كل مرة أحل زائراً على مصر المحروسة، أتعلم أن لا أقع ضحية “فهلوة” بعض “المترزقين” في مطار القاهرة، وكلما عدت إلى أم الدنيا أقع ضحية، رغم حرصي، أساليب جديدة ومبتكرة غير التي جربتها وحرصت على أن لا أقع فيها مجدداً. ووجدتني هذه المرة أدفع إكراميات يميناً وشمالاً من دون أن أحصل في المقابل على أي خدمات، لكنني أدفع لأنني لم أتمكن من تفادي أن أكون ضحية “فهلوة” تجعلك تضحك بعد أن تكتشف ذلك ولا تجد إلا أن تقول لا حول ولا قوة إلا بالله. في طريقي من المطار الحديث وجدتني أتساءل: ما الذي يجعلنا نعود إلى مصر؟ الواقع أنني لم أعرف السبب الذي أصبح سراً غامضاً، هل هي فعلاً مياه النيل التي إن شربت منها ستعود إليها مرة أخرى، كما يحب أن يقول المصريون، أم تراه لأن مصر بلد كل العرب وكل المثقفين وكل الفنانين؛ ولأن مصر حاضرة العرب وقلب الأمة؟ في كل مرة أزور فيها مصر، أجدني استكشف أماكن أخرى وأشياء جديدة وعجيبة، وأجدني أعايش الناس وهمومهم. عندما تسير في شوارع القاهرة تشعر بنوع من الألفة والحب لهذا البلد العظيم، وبساطة الناس وطيبتهم تشعرك بأنك وسط أهلك وناسك، أما إن صادف مسيرك وقت الصلاة، فستشعر بروحانيات المكان ربما أكثر من أي مدينة من مدن بلاد المسلمين، أصوات الأذان تتردد بين المآذن فتشعر كأن ضوضاء المدينة بسياراتها وناسها تخفت في تلك اللحظات الإيمانية. تلك الضوضاء التي يحدثها زحام السيارات و”زواميرها”، التي تختلط بصياح الناس وزعيقهم تجعلك تشعر بحياة هذه المدينة التي لا تنام.. تركب العبارة باتجاه الضفة الأخرى من النيل، فتقرأ في وجوه الناس الفاقة، وتحزن على طفلة جميلة عيونها ملونة لم تتجاوز السادسة، لكنها لا تذهب إلى المدرسة؛ لأنها مشغولة ببيع أكواز الذرة المشوية للعابرين والسائحين، تشفق عليها وتتمنى لو أنك تستطيع أن تنقذها من بؤسها ولا تجد إلا أن تدس في يدها شيئاً مما قدرك الله عليه. تجلس حول “الطبلية”، فتجد جيل الشباب تواقين إلى التغيير ويحلمون بمستقبل أفضل، لم يعد التعليم يجدي أو يرضي الطموح، فالدكتور والقانوني لا يجد وظيفة وتنتهي به الحال ماسحاً للأحذية. تجدهم يضعون احتمالات التغيير السياسي ويرجحون أسباباً طبيعية، ينظرون إلى المستقبل بتفاؤل أكبر ويبحثون عن أشباه عمر بن الخطاب أو ابن العاص.. يحبون بلدهم ويرون أنه عظيم لدرجة أن يستحق أن يكون جنة الله في الأرض..
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©