أيام الشارقة.. تراث يتفاعل مع الحداثة

تعكس أيام الشارقة التراثية التي توجت فعاليات دورتها الثامنة مؤخرا تحت شعار (تراثنا أمانة)، ثراء ماضي الإمارات وعبقه الجميل، فهي أيام تعلن بقوة لرائيها أن دولة الإمارات ليست مجرد ناطحات سحاب وأسواق ومجمعات تجارية ضخمة وفنادق فاخرة فحسب، وإنما بلاد يرتد أبناؤها كل يوم نحو بحر وتراث الآباء والأجداد للاستضاءة بنور قيم عظيمة لا تموت، وعادات وتقاليد عربية أصيلة لا تندثر، ونكهة خليجية ما تزال عابقة في وجدان الأبناء الذين يجدون في زيهم الوطني ثوبا لا بديل عنه، وموسيقى وأهازيج وأشعار ماضيهم ومثل ماضيهم نغما لا يمكن أن ينحسر تحت مد الحداثة، وحرفا وألعاب وأزقة وأبواب وزخارف ما تزال ماثلة أمام العين كما هي ماثلة في الذاكرة والقلب. وقد اختتمت دورة أيام التراثية الساحرة لهذا العام، متزامنة مع احتفالات اليوم العالمي للتراث وفق ما حددته المنظمة العالمية للتربية والثقافة العلوم (اليونسكو)، فحرصا من الدائرة الثقافية بالشارقة في المشاركة في هذه الفعالية العالمية، قامت فرق الجاليات المستضافة في المهرجان والقادمة من اليمن والعراق ومصر وكينيا بتقديم عروض حية للفلكلور الشعبي والتراثي الخاص بكل بلد من هذه البلدان الأربعة، إضافة إلى الفرق الشعبية المحلية التي أحيت الفنون التراثية الإماراتية مثل «اليولة» و»العيالة» و»الدان» والربابة والفنون الحربية، كما شارك في فعاليات اليوم العالمي للتراث ضيوف المهرجان من الدول العربية والأجنبية مثل النمسا واسكتلندا والمغرب وتونس ودول الخليج العربي. وقد قررت اللجنة المنظمة للمهرجان خلال إقامة هذا الحدث التراثي السنوي إنشاء جمعية خاصة تحت مسمى (رابطة أصدقاء أيام الشارقة التراثية)، كما تم تعيين لجنة لوضع القانون الأساسي للرابطة مكونة من أعضاء اللجنة التأسيسية وهم : إبراهيم سند من البحرين، وصفية الأهدى من مصر، وعزيز رزنارة من المغرب، وساسي جبيل من تونس. وقد أكد عبد العزيز المسلم، مدير إدارة التراث، أن أيام الشارقة التراثية سوف تستمر خلال الدورات القادمة في التواصل مع الأجيال الجديدة كي يبقى حضور التراث متفاعلا مع الحداثة، وكي يتحول الوعي بالتراث إلى بوصلة ينطلق من خلالها هذا الجيل الجديد، «حتى تكون قاعدتهم صلبة ومتمثلة في ماضينا العريق وحاضرنا المزدهر». وأضاف المسلم: «إن أيام الشارقة التراثية تهتدي بنهج أصحاب السمو حكام الإمارات في ضرورة الاهتمام بمكتسبات الماضي والحفاظ عليها، سواء كانت هذه المكتسبات مادية أو معنوية، وذلك من أجل صون الهوية المحلية وحمايتها، وإشراكها في حوار إنساني مثمر مع الهويات الأخرى». يذكر أن الدائرة الثقافية بالشارقة أصدرت خلال أيام الشارقة التراثية نشرة تراثية تخصصية وسلسلة من الكتيبات الإعلامية والتعريفية بالأيام، إضافة إلى كتيب خاص بالندوة الفكرية المصاحبة للمهرجان بعنوان: (الشارقة القديمة وإمكانياتها كمحمية للتراث غير المادي) شاركت في إعدادها مجموعة من الباحثين والمهتمين بالتراث من الإمارات ومن ضيوف المهرجان من البلدان الخليجية والعربية والأجنبية.