الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الدولة السعيدية.. ناطحت العثمانيين في القوة

الدولة السعيدية.. ناطحت العثمانيين في القوة
21 مايو 2019 00:03

القاهرة (الاتحاد)

قاد السعيديون حركة مقاومة ضد الوجود البرتغالي في المغرب، مطلع القرن الرابع عشر الميلادي، انتهت بإقامة مراكز نفوذ والسيطرة على معظم البلاد الجنوبية، خاصة درعاً وفاس، ثم مراكش التي أصبحت مقر الدولة السعيدية، وتمكنوا من توحيد بلادهم وتطهير سواحلها، وتحرير مناطقها وأنشأوا دولتهم التي قامت على النظام الملكي الوراثي، واتخذوا «ياركند» عاصمةً لهم.
اتصف عهد الدولة السعيدية بالطموح إلى بسط النفوذ، بعد أن استغلوا الفرص السانحة لتقوية دعائم دولتهم سياسياً وعسكرياً وتطويرها اقتصادياً، حتى يتحقق استقرار الحكم فسعوا إلى تحرير الأراضي المغربية، خاصةً المدن الساحلية التي خرج أهلها عن طاعتهم، فضيقوا الخناق وشدوا الحصار على أقوى المراكز حتى استعادوها، وامتد نفوذهم وازدادت هيبة دولتهم بعد صد الأعداء المتربصين والقضاء على بقايا الوطاسيين والبرتغاليين والأسبان، ولم يتوانوا في قتالهم وألحقوا بهم أضراراً جسيمة وأنزلوا القبائل المتعاونة معهم، فانتهى الصراع بانتصار السعيديين واتسعت دائرة ملكهم وتحكموا في طريق التجارة العالمية بين غرب أوروبا والهند والشرق الأقصى، كما زحفوا إلى جنوب حوض بلكاش ومنطقة بحيرة أيسيق كول وبدخشان وكشمير ومنطقة التبت، بالإضافة إلى تركستان الشرقية الحالية، وتغلغلوا إلى بلدان غربي أفريقيا، وسيطروا على مناجم الذهب وطرق التجارة الصحراوية.
دخلت الدولة السعيدية عند منتصف القرن السادس عشر في طور جديد من المواجهات الخارجية، بعد أن اتجهت أنظار العثمانيين نحو المغرب لاتخاذها نقطة انطلاق للتوسع وبسط النفوذ العثماني، فوجد القادة السعيديون أنفسهم في مواجهة العثمانيين، فقاموا بتطوير الجيش وتزويده بالمعدات الحديثة، وقادوا الحملات العسكرية ضدهم وأجبروا العثمانيين على التراجع، وحافظوا على كيان الدولة السعيدية.
تميزت الدولة السعيدية بأهمية المواقع والمدن، التي تحت سيطرتها بالنسبة لقلب القارة الأفريقية، وكذلك السواحل الممتدة لمئات الكيلو مترات على ضفاف المحيط الأطلسي، فازداد نفوذهم بعد فتح السودان والاهتمام بالتنمية الزراعية وتطويرها وتحسين وسائل الري واستثمار الأراضي الخصبة، ونشر النفوذ المغربي حتى تشاد والتحكم في طرق القوافل بين السودان والمغرب من جهة وبين أفريقيا الشرقية ومصر من جهة أخرى.
أضفى السعيديون الصفة التنظيمية على مختلف النواحي الإدارية لإحكام الصلات بين الحكومة المركزية وباقي المدن، لتعزيز وحدة دولتهم السياسية والسيطرة على أجزاء الدولة المترامية الأطراف، كما اهتموا بفتح مجالات واسعة في ميادين الزراعة والصناعة والتجارة ومختلف الحرف اليدوية، وازداد الرواج الزراعي والتجاري بعد فتح السودان واستغلال موارده الضخمة ورسم سياسة توسعية وفتح آفاق واسعة عبر الطرق التجارية مع باقي الدول المجاورة، مما زاد من وزن دولتهم في العالم الخارجي.
مرت الدولة السعيدية بانقسامات داخل الأسرة الحاكمة، ترتب عليها أوضاع داخلية سيئة أدت إلى ضعف الدولة، وشجعت القوى الخارجية المتربصة لاغتنام الفرصة للتدخل العسكري، وحصار مراكز القوى في الدولة، وألحقت بهم أضراراً جسيمة حتى تهاوت الدولة السعيدية وسقطت مع مطلع القرن السابع عشر الميلادي.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©