الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

السعودية والإمارات.. شراكة ضد التطرف والفكر الظلامي

السعودية والإمارات.. شراكة ضد التطرف والفكر الظلامي
20 سبتمبر 2018 01:00

كيف يمكن للمراقب المحقق والمدقق أن يصف شكل العلاقات السعودية الإماراتية، تلك الضاربة جذورها في أعماق التاريخ وحضارة الصحراء وقيم البداوة والأصالة الأولى؟ ثم، وربما هذا هو الأهم، هل هي علاقات ينطبق عليها وصف رئيس فرنسا الأشهر شارل ديجول، أي «مجرد مصالح بين الأمم والبشر»، أم أنها أخوة دم وشراكة شهادة في الماضي والحاضر، وشراكة أحلام في المستقبل القريب والبعيد؟ أسئلة عديدة تواجه الباحث عن مخبر ومظهر تلك العلاقة الفريدة من نوعها، وكما قال الإمام النفري ذات مرة: «عندما تتسع الرؤية تضيق العبارة».

المؤكد أن المسطح المتاح للكتابة يعجز عن الإلمام الشافي الوافي بجوانب تلك العلاقة الفريدة، غير أن مشاهد بعينها، يمكن أن تصلح كمنطلق للحديث، وفي القلب منها مشهد الأب المؤسس زايد الخير وهو بملابس الإحرام ويعلن عن «المصير الواحد، المفروض علينا ووقفة الرجل الواحد التي ننشدها جميعاً وما علينا سوى أن نتآزر معاً».
لم يكن زايد رجلاً اعتيادياً يخط لجسور وجذور تلك العلاقة مع المملكة بنوع خاص، فقد أدرك «رجل الصحراء» العميق الصلة بالإنسان العربي الأصيل أن السلام هبة غالية، ولهذا آثر طوال حياته الدبلوماسية الهادئة المرنة في التعامل مع الجيران، وفي منطقة دق فيها الاستعمار أسافين من المكائد بعد أن رحل، ولهذا أضحت بلاده برداً وسلاماً، عطفاً على منهجيته الفكرية القائمة على نبذ استخدام القوة أو التهديد باستخدامها في العلاقات الدولية.
عاش زايد إسلاماً نهضوياً حقيقياً منفتحاً على التنور، داعياً لإنعاش التعاليم الإيمانية الإسلامية السمحة دون تشدد أو ميل للتطرف، مطالباً أبداً ودوماً بإسلام يحث على الرفق والرحمة، والاحترام والكرامة، بعد أن نسي أو تناسى الكثيرون في العالم العربي من رجال السياسة خاصة، مقولات القرآن الكريم الحقيقية وأفعال النبي الكريم.
لم يكن لأحد أن يزايد على عروبة «زايد الخير»، ودعمه للقضية الفلسطينية على نحو خاص، وهنا نشير إلى ما ذكره الدكتور محمد صادق إسماعيل في كتابه الصادر حديثاً تحت عنوان «التجربة الإماراتية... قراءات في التجربة الاتحادية»، حول تشجيع الشيخ زايد في عام 1969 نشاط النائبة العمالية البريطانية مستر «مارجريت مكاي» ومعها بعض النواب البريطانيين، الذين كانوا يدافعون عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين، حيث ظهر في لندن مركز حملة أبوظبي الإعلامية، والهدف منه تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 242 وتحسين أحوال اللاجئين الفلسطينيين إلى جانب عرض الأفلام والصور وشراء معرض متنقل لنشر حملة إعلامية بين الشعب البريطاني، وقد حصلت «مكاي» وقتها على الدعم المادي من الشيخ زايد، والدعم المعنوي والعلمي من بعض الحكومات العربية.
كانت كلمات الأب الكبير في رحاب البقاع الطاهرة تؤسس لشراكة أرسى دعائمها معه، رحمه الله، أحد الرجال العرب الأماجد، الملك فيصل بن عبد العزيز، طيب الله ثراه، وقد كان علامة بارزة في مسيرة العرب والمسلمين، وفي السعي لتوحيد الصفوف العربية، في مواجهة العدوان الخارجي.
انطلقت أسس العلاقة من الرياض إلى أبوظبي على ركائز متينة من التعاون والخير، الحب والعدل، السعي المشترك للحفاظ على الإنسان والأوطان، الأمر الذي جعل فصم عرى تلك العلاقة أمراً غير وارد عبر التاريخ الممتد في عروق الجغرافيا.
والشاهد أننا عندما نقول إنها شراكة دم، فإن التاريخ عبر أربعة عقود خلت يجود علينا بالحقائق، ولا يضن بها، فقد كان الموقف الإماراتي السعودي من حرب العرب مع إسرائيل عام 1973 وفي شهر أكتوبر تحديداً، علامة مضيئة في سموات العالم العربي لا تزال الأجيال تتذكرها بالمزيد من الفخر والاعتزاز.
لم تكن حياة الآباء الأوائل في المملكة أو في الإمارات قبل أن يوحدها زايد لينة ورغدة، بل كانت عسيرة وجافة يملؤها الجهد الجهيد من أجل الغد، وفي سبيل لقمة العيش، وحين يظهر النفط على السطح، تغير وجه الدولتين بدرجة كاملة بحسب ما اقتضته الأوضاع الاقتصادية والظروف الحياتية في ذلك الزمان، غير أن النفوس الأبية لم تتعدل أو تتبدل، بل حافظت على منظومتها القيمية والأخلاقية، تلك المستمدة في الأصل من الدين الإسلامي الحنيف ومن التراث العربي الأصيل.
في ذلك الوقت ارتفع صوت زايد الخير والملك فيصل، رحمه الله، معاً بموقف واحد وواضح، فقد صاح زايد الخير بأن الإماراتيين على استعداد تام للعودة ثانية للسيرة الأولى؛ أي الحياة الخشنة في الصحراء، اعتماداً على التمر واللبن فقط لا غير، والاستغناء عن فوائض النفط وريع صناعته، وكل ما استتبعه من مستحدثات.
فيما الملك فيصل، رحمه الله، قاد الحملة العربية لوقف تدفق النفط للغرب من أجل إجبار العدو على الرضوخ للإرادة العربية التي تجلت في أبهى صورها، ما كان له تأثيره الفاعل وغير المسبوق في وضع العالم العربي ضمن التراتبية الأممية التي تستحقها، ومن هنا كان المنطلق وكانت البداية.

روابط إيمانية وعلمية
والشاهد أننا في رحلتنا البحثية عن جذور تلك العلاقات يتحتم علينا أن نتوقف عند ركيزتين رئيسيتين: أما الأولى فهي إيمانية عقائدية بامتياز، بمعنى أن وجود الكعبة المشرفة والمسجد النبوي في مكة المكرمة أمر كان يقتضي ولا يزال أداء فريضة الحج من مسلمي الإمارات منذ قرون طويلة، ما جعل الوصل والتواصل الإنساني بين الشعبين قائماً بالضرورة، وما رسخ التلاقي الإنساني بل والروحاني بين الشعبين على مدى ألف وأربعمئة عام.
أما الجانب العلمي فكان مجاله التدريس والتعليم، الأمر الذي أشار إليه البعض من المؤرخين في صورة مشايخ وقضاة حضروا من المملكة إلى الإمارات في أوائل القرن العشرين، ومنهم من تزوج وأنجب في الإمارات وترك أبناء وأحفاداً توطنوا وصاروا من أهل البلد، وكان لهم تأثير كبير في مسيرة التعليم والثقافة، ومنهم الشيخ صالح بن محمد الحليف، الذي حضر إلى دبي سنة 1926 ودرس في مدرسة السالمية التي أسسها الوجيه سالم بن حمودة، ثم انتقل الشيخ صالح إلى الشارقة وأسس فيها مدرسة الصالحية سنة 1930 والشيخ أحمد بن حمد الرحباني الذي تولى القضاء في رأس الخيمة.
ويبدو أن البحث يكشف لنا عن مسيرة طويلة من التواصل بين البلدين في وقت مبكر، من خلال مسيرة التعليم وذهاب عدد كبير من طلاب الإمارات إلى المملكة للتعلم في مدارسها، في مكة المكرمة والأحساء والرياض، إلى تأسيس المملكة لمعهدين دراسيين في رأس الخيمة وعجمان تابعين لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ثم وقف رجال من أهل اليسر في الإمارات لعقارات وأملاك على المدارس وأهل العلم والثقافة في السعودية، ومن ذلك ما قام به كل من إبراهيم بن كلبان وناصر بن عبيد بن لوتاه، كما بعث سالم بن علي العويس بأموال إلى طلاب المعهد الإسلامي السعودي عام 1946.

شريان الوصل المشترك
ولعل المتتبع لسيرة ومسيرة العلاقة الثنائية بين المملكة وبين الإمارات يدرك أن خصائص وطباع الصحراء كان لا بد لها أن تترك مجالات متعددة للتعاون البناء بين الجانبين، لاسيما بين الشعراء والكتاب ما انعكس على المنتديات المتبادلة سواء كانت في شكلها الأولي، أو في نماذجها الحديثة.
تقع كل من المملكة والإمارات في شرق الجزيرة العربية، والمعروف أن الجغرافيا وثيقة ولصيقة الصلة بالديموغرافيا، بل إن الجغرافيا لها بصماتها الواضحة والمتميزة على الإنسان في كل زمان ومكان، ومن بين آثارها المجالات الثقافية والفكرية، والتجاذب المتبادل.
من هنا تأخذ العلاقات السعودية الإماراتية بعداً مشتركاً على مستوى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ومستوى ثنائياً بين بعض المؤسسات في البلدين، ومستوى آخر لعله الأكثر حراكاً وتفاعلاً وهو المستوى غير الرسمي.
والمؤكد- كما أسلفنا- أنه إذا كان التعاون والتلاقي الثقافي بين البلدين قد وجد مبكراً وقبل النهضة الحديثة مع منتصف القرن العشرين عبر تبادل الكتب والمؤلفات، وغالبها ما كان فقهياً أو دينياً، فإن الحاضر جمع متشابهات كثراً على صعيد العمل الثقافي بين البلدين إلى الدرجة التي يظن الناظر أنهما صنوان لا يفترقان.
خذ إليك، على سبيل المثال وليس الحصر، التشابه القائم بين الرؤى الثقافية والمؤسسات المجتمعية في البلدين، حيث مظاهر التقارب تكاد تلامس جدران التماثيل في البنية وفي التفكير والتنظير الثقافي.
في البلدين هناك توجه لا تخطئه العين لتأصيل وتجذير التراث الإماراتي والسعودي، لا على سبيل تقديس الماضي، بل للاستفادة من معينه الحضاري، هذا إن اتفقنا بادئ ذي بدء على أن الحضارة معين إنساني من القيم والأخلاق المثل والمبادئ، صب فيه البشر جميعهم من أقصى الأرض إلى أدناها ما زاد عنهم وقت الفيض، ولجأ إليه الجميع للأخذ منه ساعة الشح.
في الإمارات العربية المتحدة، على سبيل المثال، يمكن للناظر أن يرصد مركز زايد للتراث والتاريخ، وفي المملكة العربية السعودية هناك دارة الملك عبد العزيز ومؤسسة الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية في الرياض.
وتتبدى الشراكة الفكرية لدى الرياض وأبوظبي في الاهتمام الواحد بالمبدعين والخلاقين فكرياً وثقافياً، والعمل على تبني المواهب النابعة بينهم ورصد الجوائز لتكريم المتميزين، فهناك جائزة الملك فيصل العالمية وجائزة الشيخ زايد للكتاب وجائزة خادم الحرمين للترجمة، ومشروع كلمة للترجمة التابع لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث... هل من أهمية لهذه الشراكة؟
قطعاً، إنها تؤدي إلى نشوء وارتقاء رؤية تكاملية يمكن اعتبارها أداة من أدوات تطوير الإنسان السعودي والإماراتي، في زمن يلعب فيه البعد الثقافي والإعلامي دوراً بارزاً ومؤثراً في صناعة القرار الدولي، وقديماً قيل إن الذي يعطي الخبز هو من يعطي الشريعة، وقد كان ذلك زمن الإمبراطورية الرومانية، أما الآن فإن تداخل وتشابك العمل الثقافي والاجتماعي مع السياسي أصبح فاعلاً جداً، وليس أدل على ذلك من الدور الذي تقوم به مؤسسات المجتمع المدني حول العالم كافة، وفي المملكة والإمارات من جهة أخرى.

شراكة
يمكن قطعاً اعتبار ما بين الإمارات والمملكة العربية السعودية شراكة ضد التطرف والإرهاب، ولعل الناظر للمشهد الدولي في حاضرات أيامنا يمكنه أن يرصد تلك الظاهرة التي تمثل طاعون القرن العشرين أي الإرهاب الأسود، ذاك الذي لم تسلم منه بقعة أو رقعة على وجه الأرض.
عرفت السعودية وكذلك الإمارات الوقوف سداً وحداً في مواجهة الجماعات الظلامية التي أرادت أن تتسلل في الليل البهيم إلى الداخل السعودي والإماراتي، وذلك في زمن ما أطلق عليه الربيع العربي، وإن كانت الحقيقة تخبرنا بأنه لم يكن ربيعاً عربياً، بل شتاء أصولياً خارجياً قارساً، أراد تفكيك وتفتيت الوطن العربي وتسليمه للأعداء على طبق، أياً كان نوعه، وغالباً ما كانت الوصفة كلها مسمومة.
تنبهت المملكة والإمارات لما جرى في عدد من دول المنطقة العربية، لاسيما في تونس، وتالياً مصر، ثم الخراب الأعظم الذي حل في ليبيا وكيف كانت جماعات الإسلام السياسي وبدعم خارجي وراء تلك الكارثة لا الحادثة.
استطاع الحلف الوثيق بين أبوظبي والرياض التصدي والتحدي للمخططات الجهنمية الساعية للهلاك الإنساني والوجداني، ولإطفاء مشاعل التنوير والتقدم في البلدين عبر الطرق الأمنية بداية والفكرية تالياً.
على أن الضربة الكبرى التي أجاد «حلف مواجهة التطرف» السعودي الإماراتي فعلها تمثلت بدعم الأشقاء في مصر، أولئك الذين كادت الكنانة «أم الدنيا» أن تخطف من بين أياديهم، لتلقى في جحر إخوان السوء، حدث الدعم حين سارع الملايين من المصريين عبر كافة شوارع المحروسة رافضين «حكم المرشد»، وقد كان التنسيق الإماراتي السعودي ماضياً قدماً من أجل دعم مصر والشعب المصري الشقيق بكل الطاقات الاقتصادية والاستثمارية والسياسية، لكي يحقق الشعب المصري أهداف ثورتي 25 يناير و30 يونيو، وكي يمضي في طريق مكافحة الإرهاب، وحتى تأخذ مصر دورها العروبي وفقاً لثقلها على الساحتين العربية والإقليمية.
والمقطوع به أن الحصافة الإماراتية السعودية والذكاء الاجتماعي للقائمين على البلدين، كان منطلقاً أساسياً في فهم الضرورة الحتمية لمقاومة الإرهاب الذي كان يسعى ولا يزال لأن يطبق على العقول والقلوب والنفوس.
ومن دون شوفينية مصرية يستطيع أي عربي شقيق أن يؤكد أنه إذا كانت مصر قد استمرت تحت سلطة أولئك الظلامين لكان وجه الشرق العربي تغير دفعة واحدة.

دعم الأشقاء وردع الأعداء
يمضي بنا الحديث عن العلاقات السعودية الإماراتية إلى جانب آخر خلاق، ولا بد من تناوله، وإن اتصل بالسياقات العسكرية لا الأدبية أو الثقافية بين البلدين، وفي زمن أصبح فيه فصل تلك الحلقات عن بعضها البعض أمراً عسيراً.
ذات مرة تحدث رئيس وزراء بريطانيا الأشهر «ونستون تشرشل» بالقول: «إنك لا تستطيع أن تفاوض إلى مدى أبعد من ذلك الذي تصل إليه نيران مدافعك»، من هنا أدرك القائمون على الحكم في البلدين حتمية بلورة رؤية للتحالف الخليجي أولاً والعربي ثانياً.
ليس سراً أن التهديدات الإيرانية قائمة منذ اليوم الأول لثورة الخوميني العام 1979، كما أن الرجل الدوجمائي الغارق في دموية الثورة لم يوفر في أحاديثه وتصريحاته رغبته في أن يرفرف علم ثورته على العواصم العربية من الرياض إلى القاهرة ومن عمان إلى دمشق، وصولاً إلى كل الدول العربية.
كانت البحرين هي النقطة الأقرب التي تتطلع إليها إيران، ولهذا كانت قوات درع الخليج هي السيف المواجه للمخططات الإيرانية. وجلي للعيان أن جوهرها الفاعل ونواتها الرئيسة هي القوات المسلحة السعودية والقوات المسلحة الإماراتية، وقد كان التحرك العسكري السريع من البلدين يدل دلالة كاملة على وجود تقديرات مستقبلية صائبة في الجانبين، قطعت الطريق مرة واحدة على أراجيف الإيرانيين وأضاليلهم، ومكنت أصحاب الحق من البقاء في موقع القوة.
فيما التحالف العربي والذي نشأ بين السعودية والإمارات، وتشارك فيه مصر بصورة أو بأخرى، فيتصل باليمن، فقد جاء التحالف العربي بقيادة سعودية وذراع إماراتية قوية مدعوماً من دول المنطقة، ليسطر بداية تاريخ جديد للمنطقة يكتبه أبناؤها بأنفسهم ويبدأ بعودة الشرعية إلى اليمن، وهزيمة المخطط الخارجي الذي يهدف للسيطرة على اليمن والذهاب به إلى أتون الخلافات الطائفية والمذهبية، لخدمة أهداف خارجية لا يزال يراود أصحابها حلم السيطرة أو الهيمنة.
لم يكن التدخل العسكري الإماراتي السعودي في اليمن ضرباً من ضروب العدوان على أحد، بل دعماً للشرعية اليمنية وفهماً مسبقاً للمخططات الإيرانية التي تجعل من اليمن الشقيق ديموغرافياً واللصيق جغرافياً، ساحة لحروب الوكالة كما يعرفها عالمنا المعاصر، بمعنى أن يجري على اليمن تصفية حسابات بين الإيرانيين والأميركيين على سبيل المثال، وأن يدفع الثمن أبناء الخليج من أمنهم وأمانهم، ورفضاً لأن تضحى المدن السعودية أو الإماراتية ساحات للتدريب بالنسبة للصواريخ الباليستية الإيرانية التي يراها العالم في الحال، ولا نأمل أن نشاهدها في الاستقبال، تنطلق على هذا النحو السيئ مرة جديدة في سماوات الخليج العربي.

قيادة شابة
ما الذي ينتظر العلاقات السعودية الإماراتية في قادم الأيام؟ الجواب مثير، ونحن نرى على قمة البلدين قيادات شابة واعدة لها خطط موقوتة مثل 2030 في المملكة والإمارات، وهناك ما هو أبعد من ذلك في واقع الحال، ولكن لكل شيء تحت السماء وقت.
على أن المخططات المرسومة على الأوراق لا تستقيم من دون الرجال، ومن حسن طالع المملكة والإمارات وجود نوعية من الرجال القادة الذين تكلم عنهم المفكر العروبي الكبير عبد الرحمن الكواكبي حين قال: «ما بال الزمان يضن علينا برجال يفكرون بعزم ويعملون بحزم، ينبهون الناس ويرفعون الالتباس، ولا ينفكون إلا عندما ينالون ما يقصدون».
جادت الحياة بقيادات شابة من تلك النوعية وآية ذلك بلورة استراتيجية العزم بين البلدين على الأرض، فعلى الجانب السعودي يقود المملكة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان برؤاه المتطورة والمتجددة لوضع المملكة ومن جديد في المكان والمكانة التي تستحقها.
وعلى الجانب الإماراتي يبقى الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي، علامة دولية وعربية وتجربة إنسانية واقتصادية رائعة على نجاحات الإمارات في أعلى عليين.
نحن إذن أمام قيادات سعودية وإماراتية شابة تمسك على الحلم بأسنانها لا بأياديها فحسب، ولا تتخلى عنه مهما كانت الأنواء والعواصف، شابان يقودان دفة الاقتصاد نحو الاستثمار في البلدين وإيجاد الفرص لتطوير الدولتين الكبريين في المنطقة، بما لهما من حضور في الخليج العربي برمته، وهما أيقونة للنجاح في المستقبل السياسي لما يتمتع كل منهما به من قبول وإعجاب في كل أنحاء العالم، عطفاً على كونهما درعاً للأوطان لأنهما يقودان جيشين عظيمين.
يرى الشيخ محمد بن زايد المملكة خير من يجمع العرب ويوحد كلمتهم، ويكتب غداة قمة القدس التاريخية في الرياض في أبريل نيسان من العام الجاري، يقول: «تؤمن الإمارات أن موقع العرب في العالم تعززه وحدة كلمتهم، والسعودية عبر ثقلها السياسي ومكانتها المعنوية خير من يجمع العرب لما فيه مصلحتهم».
ولعل الزيارات المتتالية للأمير محمد بن سلمان وتصريحاته المتتابعة عن وحدة الهدف والتوجه الاستراتيجي بين السعودية والإمارات، يعكسان الرغبة والمقدرة في بلورة لا تزاح أو تنداح أمام عواصف وأهواء الحياة.
الخلاصة... المصير الواحد هو الذي يربط البلدين، وعندما يضحى الأمر مصيرياً تذوب الأرواح في الجسد الواحد ولا يعودان اثنين بعد، الأمر الذي يجعل من هذه العلاقة نموذجاً خلاقاً من نماذج الوحدة العربية التي يتطلع إليها العالم العربي منذ زمن بعيد.
ويبقى الأجمل في تجربة البلدين الحديثة هو الاهتمام بالعنصر البشري، انطلاقاً من أن الإنسان هو القضية والإنسان هو الحل، ومن دون الإنسان لا تكون أوطان، وهذا هو الرهان الصحيح الذي راهنت عليه كل من السعودية والإمارات في الماضي، ويتطلعان إلى تعزيزه في الحاضر والمستقبل.

إنقاذ مصر
الضربة الكبرى التي أجاد «حلف مواجهة التطرف» السعودي الإماراتي فعلها، تمثلت بدعم الأشقاء في مصر، أولئك الذين كادت «أم الدنيا» أن تخطف من بين أياديهم، لتلقي في جحر الإخوان السوء، حدث الدعم حين سارع الملايين من المصريين عبر كافة شوارع المحروسة رافضين «حكم المرشد»، وقد كان التنسيق الإماراتي السعودي ماضيا قدما من أجل دعم مصر والشعب المصري الشقيق بكل الطاقات الاقتصادية والاستثمارية والسياسية، لكي يحقق الشعب المصري أهداف ثورتي 25 يناير و30 يونيو، وكي يمضي في طريق مكافحة الإرهاب، وحتى تأخذ مصر دورها العروبي وفقا لثقلها على الساحتين العربية والإقليمية.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©