الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

نحو الضفة الأخرى من العالم

نحو الضفة الأخرى من العالم
18 أكتوبر 2018 02:13

علَّمتنا الشّمس قيمة الضّوء، كما علَّمتنا أيضاً أن ندين بالكثير للظّل، هذا الرَّماديّ الذي يظهر حين يحول شيء بين الشّمس والأرض، بين الضّوء والبقعة التي يسقط عليها، واليوم تحديدًا علينا أن نعيد الاعتبار إلى الظّلِّ بوصفه نداً يستحق الاحتفاء به، خاصة ونحن نحيا لحظة زمنية تبث تحت كامل الأضواء على الهواء مباشرة، ومن كافة الزوايا ووجهات النظر.
لهذا السبب، وربما أيضاً بسبب التهافت الشديد الذي نشهده اليوم على منصّات التواصل الاجتماعية، من قبل كل صاحب موهبة للاعتراف به، وباللون الفني الذي انتهجه للتعبير عن ذاته، ومن بينها فنون الكتابة شعراً وقصة ورواية وغيرها، وهو حقّ كامل لمن أراده، إلا أننا فضّلنا اليوم أن نقدم أربعة أصوات إبداعية من العالم العربي اكتفت بالبقاء في الظلّ، بعيداً عن ميادين الضّوء المشعّة على خريطة ساحات التواصل الاجتماعية، وما يصحبها عادة من ضجيج وضوضاء، كل منهم يكاد يكون منعزلًا عن هذا الضجيج، ينشرون كتاباتهم على فترات متباعدة ولا يأبهون بالظهور.
في نص الكاتبة الإماراتية فاطمة النّاهض إلماح ما إلى هذا الضجيج الذي تحدثنا عنه: «أنا وحصان الكلام نخبُّ في العتمة الشاسعة/‏‏ الليل ليس صديقنا/‏‏ نحن حداة الضوء وحرّاس الضّجيج». وفي قصة «المترجم» تعيدنا الكاتبة اللبنانية بثينة سليمان إلى زمن الصراع المسلح في لبنان ربما، حيث مصير تلك الطفلة الصغيرة التي تريد تعلم الإنجليزية، قبل أن يزوجّوها صغيرة كما حدث لشقيقتها، هذا المصير معلّق بين يدي مترجم مسكين يحاول أن ينقذ الطفلة من مصير أختها. أما في قصيدة السورية ميس الريم قرفول، والتي أصدرت مجموعتها الشعرية الأولى مؤخراً تحت عنوان «حين ساعدنا الحرب لتعبر» (التكوين، سوريا 2018)، يواجهنا قبض خاص على معنى الألم وحالة الحرب في سوريا: «عندما وصلتُ عيادة الطبيبة كان الألم قد وصل إلى حدّه الأعلى، هنالك شعور بالحنان حيال الطبيب في لحظات الألم، يشبه الإيمان بشيء ما، لذا يتدفّق الألم قبلك، كأنّه شبح يهزّك من عنقك ويدخلك بحركة آلية قبالة الطبيب الهادئ.. أنْ:»اجلسْ «. ونختتم النصوص بقصة الكاتب المصري الشاب أحمد شوقي علي والتي نقرأ بين سطورها:»في نصف الطريق - ربما اجتاز أكثر من نصفه - جلس على الرصيف ذاهلًا، أحسّ أن أمّه قد ماتت، وأحس أيضاً بالرغبة في البكاء، لكنه لم يستطع؛ لم تمنعه دموع محتبسة، لكّنه في هذه اللحظة بالذات، شعر وكأنّه لا يعرف البكاء. بكى أباه طفلًا، ومن بعد أبيه بكى جدّه وربما بكى ميتين آخرين، ويحب أمّه أكثر من كل السابقين، فلماذا لا يبكي»؟

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©