عدد اليوم
أشرف جمعة (أبوظبي)
في اللحظة التي يشتبك فيها أطفال البيت، ويتعاركون من أجل الأسبقية في ممارسة لعبة منزلية، ينزعج الأب أو الأم، وربما يكون التدخل السريع لفض المنازعات ليس في محله في هذه اللحظة، كون هذا النوع من التنافس يضع الطفل أمام تجربة مفيدة، فهو يحفز ملكاته، ويوقظ أحاسيسه ومشاعره، من أجل التصرف وإبداء الرأي شريطة ألا يصل الأمر إلى العنف والعدوانية.
الدكتورة أمينة الماجد، مستشارة أسرية واجتماعية، قالت إن الشجار بين الأطفال له فوائد حقيقية، طالما لا يصل إلى حد الاشتباك بالأيدي، وهو يعزز فرص نموهم ويغذي طاقتهم الحسية، ويرفع من قدراتهم العقلية، ويعمل بشكل قوي على تطوير مهاراتهم الحياتية. واللافت أن العديد من الدراسات التي أجريت في هذا الصدد، خلصت إلى أن هناك مكتسبات إيجابية، تتحقق من خلال تفاعل الطفل مع بيئته، ومن ثم إظهار براعته في التعامل مع الأشخاص. وتلفت الماجد، إلى أنه من المهم أن يرسخ الآباء في وجدان الأطفال عادات وتقاليد مجتمعية أصيلة، مثل: لا تأخذ أشياء غيرك، ولا تستعملها، وأن تتعاون مع زملائك وأصدقائك في أثناء اللعب، وألا تكون أنانياً محباً لذاتك، وأشياء أخرى تتعلق بالمستوى السلوكي، مثل فكّر قبل أن تتخذ قرارك، ولا تكن عصبياً، وحاول أن تقيم علاقات متوازنة مع الآخرين.
ساحة الضجيج
ويشعر أحمد اليوسفي رب أسرة، بأن البيت يتحول إلى ساحة للضجيج والعراك خاصة حين يتجمع أطفال العائلة، لافتاً إلى أن الأمر يتفاقم حين يختلفون فيما بينهم، ويحاول كل طرف أن يحقق ما يريد، وأنه يتدخل بين الحين والآخر، وينصب نفسه حكماً بينهم، ويشعرهم بأنه محايد، ويتقبلهم ويقدر اندفاعهم للعب والتفاعل مع بعضهم بعضاً، وهو ما يجعلهم يطمئنون إليه، وأنه ينجح بعض الوقت في تهدئة الأمور بينهم، لكنه يلمح في كثير من الأحيان إلى أن المشاجرات تظهر عن بينة ذكاء بعض الأطفال وقدراتهم على التصرف.
المجتمع والغرباء
وتلفت عائشة آل علي أم لثلاثة أبناء، إلى أن أطفالها يتشاجرون في أثناء اللعب، وأن الولد الأكبر يحاول السيطرة على الطفلين الآخرين، وهو ما يجعلهما يتشاجرا معه رفضاً لأوامره، وأنها في البداية كانت تشعر بالقلق وتخشى أن تتحول المنافسة بينهم إلى عراك بالأيدي لكنها اكتشفت أن ذلك من الممكن أن يحدث في مرات قليلة، وأن هذه الانفعالات مثمرة وإيجابية في أحيان كثيرة، كونها تعزز ثقتهم بأنفسهم، وتسهم في تنمية عقولهم وتطور بشكل ما مهاراتهم الفردية وتعلمهم كيفية اللعب بشكل جماعي، وهو ما يؤهلهم للتعامل مع المجتمع والغرباء والأصدقاء في المدرسة.
لعبة خاصة
أسامة صادق أب لطفلين، أوضح أنه دائماً يراقبهما في أثناء اللعب خصوصاً أن حالة من العراك تحدث بينهما نظراً لأن كل واحد منهم يريد أن يبدأ ممارسة اللعب أولاً، وهو ما يتسبب في الصياح والبكاء أحياناً، ويلفت إلى أنه قرر أن يشتري لكل واحد منهما لعبة خاصة به، لكنه وجد أن مثل هذا التصرف سيسهم في أن ينعزل كل طفل عن الآخر خصوصاً أنهم بعد حدوث مشاجرات بينهم يعودون إلى بعضهما بعضاً، وكأن شيئاً لم يكن، ويؤكد أنه على الرغم من عدم ارتياحه لمثل هذه التصرفات، التي تصدر عنهما تجاه بعضهم بعضاً فإنه يجد أن مثل هذه المشاجرات تسهم في إبراز الشخصية، وتدعم المهارات وتحسن المزاج، وتطلق الطاقة الكامنة في داخلهما، وأنه قرر أن يتركهما يلعبان ويختلفان ويتفقان شريطة ألا يؤذي أحدهما الآخر.
