الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

باولو كويلو: كنت «هبِّياً» وسأبقى

باولو كويلو: كنت «هبِّياً» وسأبقى
13 ديسمبر 2018 03:10

تحتفل دار شركة المطبوعات للتوزيع والنشر بصدور الترجمة العربية لرواية الكاتب البرازيلي الشهير باولو كويلو «هيبي»، وهي أحدث رواية له تحمل طابع السيرة الذاتية، وترجمت فور صدورها أخيراً إلى لغات عالمية شتى، وعرفت نجاحاً شعبياً على غرار معظم أعمال هذا الكاتب الذي يعد الأكثر مبيعاً في العالم.
في مناسبة هذا الاحتفال الذي تحييه الدار الناشرة، وهي الوكيل الحصري لأعمال كويلو بالعربية، عهدت الدار إلى جريدة «الاتحاد» إجراء حوار هو الوحيد بالعربية حول الرواية الجديدة مع الكاتب، وكان الحوار عبر أسئلة توجهنا بها إليه وتمت ترجمة الأجوبة من البرازيلية إلى العربية عبر الدار نفسها.

رواية باولو كويلو الجديدة تسترجع مرحلة من مساره الشخصي هي بين أواسط الستنيات والسبعينيات من القرن العشرين. يروي كويلو حكاية التحاقه بهذه الموجة التي أتاحت له فرصة البحث عن معنى عميق لحياته وشخصيته، وإعادة النظر في المعطيات التي فرضها عليه المجتمع والعائلة. ويسرد أيضاً كيف كان عليه، وهو الشاب الذي يطمح إلى أن يكون كاتباً، أن يتحول إلى رحالة يجوب بلدان أميركا اللاتينية مثل بوليفيا والبيرو وتشيلي والأرجنتين ليحط رحاله في ساحة «دام» الشهيرة في أمستردام التي عرفت بساحة الهيبية العالمية. وهناك، وسط جمع من الشبان المتحررين الذين يرتدون الجينز والملابس الرثة ويغنون ويعزفون ويتأملون، التقى كويلو الشاب فتاة هولندية تدعى كارلا فوقعا في الحب وأقنعته بمرافقتها في رحلة هيبية إلى النيبال. هنا نص الحوار.

* لمَ اخترت أن تتذكَّر الآن الزمن الهيبي الذي عشته وأن تستعيده في رواية هي أقرب إلى السيرة الذاتية؟

** أستعيد الزمن الهيبي لأنني رأيت أن العالم يتّجه نحو الأصولية بكل معنى الكلمة: الأصولية الدينية، والجنسية، والسياسية... في عصر الهيبيين كان الجميع متسامحين مع معتقدات الآخرين وخياراتهم.

* ألا تزال على تواصل مع أصدقائك الهيبيين القدامى؟ ألا يزالون يحتفظون بشيء من فلسفة الحرية تلك؟
** أنا على تواصل مع واحد منهم فقط. لقد كان سائق الباص، وهو في الوقت الحاضر طبيب مرموق متخصص في علاج الصدمات الناجمة عن الحروب. هو الوحيد الذي مازال حاضرا من ذاك الماضي الجميل.

*ماذا عنك أنت؟ ما الذي تحتفظ به من ذلك الشاب الذي يدعي باولو الهيبي الذي ركب «الباص السحري»، باص الهبيين العالميين؟
** أحتفظ بكل شيء. يكفي أن تكون هيبيّاً مرة في حياتك لتبقى كذلك دائماً. إنها بساطة الحياة. تذكّر أنّ أحلى مُتع الحياة مجّانية، ومنها المشي والتمتع بالطبيعة، والتأمل، والضحك والبكاء من دون الشعور بالذنب، ودعم من يحتاجون إلى المساعدة، وعدم السماح للنظام بأن يسيطر عليك بسهولة.

بلا أي خيبة
* هل أنت هيبي سابق خائب الأمل؟
** أعتقد أنني أجبت على هذا السؤال في ما قلت سابقاً: يكفيني أنني كنت هيبياً مرة لأبقى كذلك دائماً. لا خيبة بتاتا.

* في العقد الذي بدأ فيه «الباص السحري» الشهير رحلته، لم تكن طريقه سحرية جداً: في ما بعد تلك الحقبة اندلعت الثورة الإيرانية، وحدث الغزو السوفييتي لأفغانستان، وانتهت حرب أكتوبر بتقييد التأشيرات للسيّاح في سورية والعراق ولبنان، من ضمن أحداث أخرى. كيف تنظر إلى هذا المسار الذي ترك أثره في حياتكم؟
** ثمة أمر واحد مؤكَّد: عندما يتعيّن عليك إنجاز أمر ما لا تماطل، لأن إنجازه قد يصبح مستحيلاً في وقتٍ آخر. أنا نادم حتى اليوم، لأنني لم أذهب إلى سورية عام 2010، على سبيل المثل. لقد كنت على مسافة ساعة طيران منها فقط!

* زرت في حياتك المهنية الدولية أماكن كثيرة ذكرتها في كتبك، ولكن بوصفك كاتباً وظاهرة أدبية، كيف وجدتها؟ ما الذي شعرت به عند العودة إليها من موقع آخر؟
** كل شيء يتغير. عندما ذهبت إلى بيرو، على سبيل المثل، رفضت الذهاب إلى ماتشو بيتشو، لأنني كنت أعرف أن السيّاح قد غزوها. ذهبت زوجتي كريستينا ولم تستطع المشي فيها. في أي حال، أنا لست من النوع الذي يلتفت إلى الوراء. أذكر دائماً قصة زوجة لوط، التي نظرت إلى الوراء لتشاهد دمار سدوم وعمورة، فتحوّلت إلى تمثال من الملح.

* دعنا الآن نتحدث عن بعض المفاهيم التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بثقافة الهيبي. أود أن أعرف رأيك في الاتجاهات التي سلكوها، وما إذا كانت لا تزال قائمة أم أنها خضعت لنوع من إعادة التفسير: الحرية الجنسية: ما هي؟ وماذا أصبحت؟ ألا تزال تستحق كل ذلك العناء؟
** أعتقد أنها لا تزال مستمرة في البلدان التي أطلقت هذا المفهوم. إنها علامة لا تمّحي من علامات الثورة الهيبية.

* المخدرات: ماذا تمثل وماذا أصبحت؟
** يجري تشريع الماريجوانا حاضراً في أنحاء كثيرة من العالم ومنها هولندا. في دولة مثل سويسرا، على سبيل المثل، تباع في المتاجر. هذه ظاهرة تدعو إلى التساؤل. لكنّ المخدرات الأخرى يجب أن تبقى محظورة دائماً، مثل الهيروين والكوكايين. لكن هناك سياسة قمع تستهلك الملايين من الدولارات الحكومية تعتقد أن الماريجوانا تشكّل خطراً.

* «مخالفة الموضة»: كان الهيبيون يرتدون ثياباً ممزقة، مخصَّصة لهم، ويرتدونها لمعارضة الموضة السائدة. في عالم اليوم يؤدي توسُّع المجموعات المصنّعة للأزياء الجاهزة إلى دفع الشباب لشراء الموضة الرائجة بكثرة وبأسعار رخيصة. ألا ينبغي أن يكون للشباب ردّ على ذلك، وأن يعارضوا الموضة؟
** نعم... لا شك في ذلك، لأنه يحفِّز إبداع الجميع. يجب مخالفة الموضة.
زيارة الروح
* في الكتاب تذكر أنك تأثرت كثيراً بالمرور في اسطنبول، حيث تقول إن الزوجين قررا «زيارة روحيهما» بدلاً من استكشاف النقاط التي جرى اقتراحها عليهما كلّها. ألا يزال ممكناً في عالم الطائرات النفاثة القيام برحلة من التحوُّل الشخصي، مثل العديد من الرحلات التي قمت بها، ومنها «طريق سانتياغو» و «هابي روت» نفسها؟
** أعتقد أن كل ذلك يتوقف على الشخص نفسه. ما قلته في اسطنبول لا يزال صالحاً اليوم. يمكنك أن تكون في محطة القطار وتزور روحك الخاصة. لكن ما نحتاج إليه هو السفر أكثر. لكن الناس اليوم، مع الأسف، يسيرون في طريق سانتياغو وعيونهم مثبتة على هواتفهم. إن إزالة سموم الإنترنت يمكن أن تساعد كثيرا.
*تقول في كتابك: «الحب سؤال من دون جواب»، إنه لأمر مدهش أن يصدر هذا الكلام عن شخص متزوج منذ ما يقرب من 40 سنة. هل الأسئلة هي التي تتغيّر أم أن الجواب الفعلي غير موجود؟
** في الواقع لست متزوجاً بالشخص نفسه، بل بنسخ عديدة من كريستينا، وهي تتغير مع مرور الوقت. أنا أيضاً لست الرجل نفسه. المشكلة في الزواج هي أن الناس يعتقدون، بمجرد انتهاء حفلة الزفاف، أن كل شيء سيبقى على حاله طوال عقود. لا. فإما أن تتأقلم، وإما أن ينتهي بك المطاف بالنأي عن شخص تحبه.
* كنت أحد أول الداعمين المتحمّسين لشبكات التواصل الاجتماعي. أخذت مؤخَّراً«إجازة» صغيرة منها. لمَ توقفت عن استخدامها؟ وما الذي أظهره لك هذا التوقُّف؟
** تغيّرت شبكات التواصل الاجتماعي إلى الأسوأ. أنا، على سبيل المثل، قدّمت محتوى مجانيًا لـ الفيسبوك، واليوم يطلبون مني المال مقابل عرض المحتوى المجاني. كنت أنشر المحتوى المجاني في محاولة لخلق عالم أفضل، لكنّني كنت واهماً.

* ماذا يقول «الساحر» للأشخاص الذين يتعرّضون للتحامل والعنصرية والتهجُّم عبر شبكات التواصل الاجتماعي؟ كيف يجب أن يتصرفوا؟
** أعتقد أن الإنترنت أظهر أسوأ ما في الإنسان. يتهجمون ويتخفّون وراء الهوية المجهولة. لكن ذلك بالتحديد لا يقلقني كثيراً، لأنه عند أول تحامل يجري حظر المتحاملين وينتهي الموضوع. لكن الضحايا يتألمون من هذا الأذى. الأمر الذي يجعل روح العالم أكثر حزناً.

* هل *عانيت من الشائعات؟ كيف يمكنك الاحتفاظ بخصوصيتك، إن كان ذلك لا يزال ممكناً؟
** لم يعد ذلك ممكناً. ولكن يبدو أن ثمة مراجعة للموضوع الآن. آمل أن تصدر قوانين أكثر صرامة ضدّ الاعتداء على خصوصية الناس، ونشر الشائعات.

أنا رجل وامرأة
*غالباً ما تكون المرأة هي الناطقة عنك في كتبك. أنت تضع نفسك كثيرًا في موضعها، ومعظم شخصياتك الشهيرة من النساء. إلى أي حدّ ترى أن الناحية الأنثوية موجودة فيك؟
** أنا رجل وامرأة. المرأة هي الجانب الإبداعي فيّ، لذلك هي الأكثر حضوراً كشخصية رئيسية في كتبي.

* هل تابعت الحركات النسائية الجديدة، مثل Metoo# ضد التحرش، و Timesup# التي تدعو للنساء بالمساواة في شروط العمل؟ هل تعتقد أنها حركات مجدية؟ هل يمكن أن تحقق شيئاً ملموساً؟
** الأمر يتوقّف على كيفية إدارة المسألة من جانب أصحاب المصلحة الرئيسيين في القضية. أرى، مع بعض القلق، أنه يتمّ التلاعب أحياناً بهذه القضايا لجذب الانتباه. ولكن دعونا نواجه الأمر، وذلك مدوّن في الكتاب: إن حسّ النساء أكثر رهافة من حسّ الرجال، وهنّ أكثر وعياً منهم، وسيعرفن كيف يجب أن تُدار هذه المسألة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©