الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

أزمة شح المياه في العالم وتحدياتها

أزمة شح المياه في العالم وتحدياتها
15 ديسمبر 2018 02:57

بقلم خالد عبد الله القبيسي*

في ظل الارتفاع المتسارع للنمو السكاني حول العالم، وتزايد الضغط على استهلاك الموارد المائية المحدودة، باتت مسألة شح المياه تمثل تحدياً عالمياً، وقضية أساسية تنذر بتبعات خطرة ما لم يتم البحث عن السبل والحلول اللازمة لمواجهتها.
وبحسب الأمم المتحدة، من المتوقع أن يرتفع عدد سكان العالم من 7 مليارات نسمة حالياً إلى 9.7 مليار نسمة بحلول عام 2050، ويترافق ذلك مع ازدياد في الطلب العالمي على المياه بنسبة 55%.
وعليه، سوف يعيش نحو 40% من سكان العالم في مناطق تعاني من شح شديد في موارد المياه، وذلك بسبب استمرار ارتفاع معدلات الطلب على موارد المياه المتوافرة.
وفي المقابل، فإن هذه الزيادة في التعداد السكاني تستدعي زيادة إمدادات الغذاء بمقدار 60%، ما يرفع من طلب الزراعة على إمدادات المياه حول العالم، على الرغم من أن ري الأراضي الزراعية وتربية المواشي تستهلك حالياً نحو 70% من مياه الأنهار والمياه الجوفية.
وفي ضوء ما نشهده من تسارع في التوسع الحضري، فإن الضغط على موارد المياه سيكون أكثر حدة في المدن، لذلك نجد مدينة مثل «كيب تاون» في جنوب إفريقيا تضع قيوداً صارمة على استهلاك المياه، بعد أن تمكنت في أوائل هذا العام من تفادي نفاد المياه كلياً نتيجة تعرضها لجفاف شديد دام لفترة طويلة غير مسبوقة، وهذه المرة الأولى التي تواجه فيها إحدى مدن العالم الكبرى مثل هذه الكارثة البيئية.
وتتوقع الأمم المتحدة أن يعيش نحو 66% من سكان العالم ضمن المدن بحلول عام 2050، وأن هذه الزيادة عن النسبة الحالية البالغة 55% تقود إلى حدوث خلل كبير في إمدادات المياه، ما لم يتم اكتشاف تقنيات مياه مبتكرة، يمكن أن تساعد في ترشيد الاستهلاك والحفاظ على الموارد المائية المتاحة.
وبالنسبة إلى دولة الإمارات، التي تعتبر من مناطق العالم الأكثر جفافاً مع معدل هطول أمطار منخفض، فإن منسوب المياه الجوفية فيها منخفض، وهو في تناقص مستمر، لذلك تبرز تكنولوجيا تحلية مياه البحر كخيار وحيد متاح حالياً أمام دولة الإمارات ولنحو 150 دولة شاطئية غيرها تعاني من قلة هطول الأمطار وندرة موارد المياه العذبة، لذلك تنتشر عمليات تحلية المياه حالياً على نطاق واسع حول العالم. وبحسب الجمعية الدولية لتحلية المياه، يعتمد أكثر من 300 مليون نسمة حول العالم على المياه المحلاة لتلبية احتياجاتهم اليومية كافة من المياه.
ولا شك في أن قطاع تحلية المياه قد ساهم بدور حيوي في دفع عجلة مسيرة التنمية والتطوير في دولة الإمارات، لاسيما وأنه يلبي نحو 96% من احتياجات الدولة من المياه.
غير أن تحلية المياه تنطوي على مشكلتين أساسيتين مرتبطتين ببعضهما بعضاً، تتمثل الأولى في الاستهلاك الكبير للطاقة في عمليات التحلية، في حين تتمثل الثانية في تأمين هذه الطاقة من مصادر أحفورية، حيث تتطلب عملية تحلية مياه البحر في الإمارات طاقة تزيد بنحو 10 مرات على الطاقة اللازمة لإنتاج المياه السطحية العذبة. كما تستهلك محطات تحلية المياه في منطقة الخليج لوحدها 0.2% من مجمل الاستهلاك العالمي للكهرباء، لكنّ هناك جهوداً حثيثة لمواجهة هذه التحديات، حيث من المتوقع أن تلعب تقنيات تحلية المياه دوراً محورياً في تلبية الطلب المتزايد على المياه العذبة.
وتستحوذ الطاقة على نحو 70% من تكلفة عمليات تحلية المياه. لذلك فإن الحد من استهلاك الطاقة، والاعتماد على مصادر طاقة متجددة، يمكن أن يسهما في خفض تكاليف التشغيل والانبعاثات الكربونية.
وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى الدور المهم الذي تلعبه شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر»، التابعة لشركة مبادلة للاستثمار (مبادلة)، في هذا المجال، حيث أطلقت برنامجاً تجريبياً لتحلية المياه، يتم في إطاره تطوير وتشغيل خمس محطات لتحلية المياه على نطاق تجريبي في منطقة «غنتوت» بإمارة أبوظبي. ويهدف هذا المشروع التجريبي على المدى الطويل إلى تطوير محطات تحلية مياه تعمل بالطاقة المتجددة على مستوى الدولة والمنطقة، وصولاً إلى مرحلة التسويق التجاري في عام 2020. وإن إدخال هذه التقنيات حيز التطبيق يمكن أن يقود إلى نتائج يتجاوز أثرها منطقة الشرق الأوسط.
لقد ساهمت تكنولوجيا تحلية المياه بدور أساسي في تمكين الإمارات، وغيرها من الدول التي تعاني من شح في المياه العذبة، من تنمية مدنها وقطاعاتها.
وتشكل «المياه» إحدى المحاور الرئيسة لـ»أسبوع أبوظبي للاستدامة 2019»، الذي ينطلق يناير المقبل.

*الرئيس التنفيذي لقطاع الطيران والطاقة النظيفة وتقنية المعلومات والاتصالات في «مبادلة»

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©