قبل حلول عيد الفطر المبارك بيوم واحد رحل عن دنيانا الفانية خلفان بن سندية المنصوري، قامة من قامات تراث الإمارات ليبدد رحيله المباغت فرحة استقبال العيد في قلوب ذويه وأسرته الصغيرة، وكذلك الكبيرة من متابعي مشاركاته وحضوره القوي ضمن لجنة تحكيم برنامج المسابقات التراثي «الشارة» الذي يبث عبر قناة أبوظبي ومن إنتاج لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية. 
 رحل ابن سندية بعد مسيرة حافلة في الساحة التراثية الإماراتية وبصمات مشهودة لرجل اعتنى باللهجة المحلية والتراث الإماراتي، وكان مرجعاً في الموروث الشعبي.
عُرف بغزارة معلوماته عن تفاصيل ومفردات أهل البر والعادات والتقاليد وأصناف النباتات المنتشرة في البلاد، وكذلك بأنواع الهجن وسلالاتها والحرف التقليدية، وصاحب حضور مميز في هذا المجال والميدان.
في كل مرة تفقد فيها الساحة قامة كخلفان بن سندية يتجدد أمامنا التساؤل الكبير حول الشوط الذي قطعناه لتوثيق جهد هؤلاء الرجال وكذلك من النساء «حاميات التراث» اللاتي يحظين برعاية ودعم سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية «أم الإمارات» على نهج المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، «طيب الله ثراه»، الذي اهتم مبكراً بالتاريخ والتراث من خلال اللجنة التي شكلها في سبعينيات القرن الماضي وخصص لها مقراً واستقطب كبار الباحثين والمؤرخين لجمع التراث وتوثيقه إيماناً منه بأن«من ليس له ماضٍ، ليس له حاضر ولا مستقبل».
نحن اليوم في تحد كبير مع الأجيال الجديدة، وبدلاً من أن ننشغل بثقب الأوزون، علينا الاهتمام بالثقب الكبير في ذاكرة شرائح واسعة مع أجيال تتوالد وتتعاظم الفجوة بينها وبين جانب ضروري لتعزيز وترسيخ الهوية الوطنية.
 عندما ندعو للاهتمام والاعتناء بالموروث لا يعني الإقامة في الماضي، كما يتصور البعض قدر ما نتمنى على رجال الغد المحافظة عليه باعتباره من الأدوات التي تستند عليها الأمم في إبراز هويتها وتفاخر به بين الشعوب وتستلهم منه ما يرفع الهمم للبناء والتطور. وعلينا في هذا المجال الاستفادة من جهد نادي تراث الإمارات ولجنة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية، وما قاموا به لغايات التوثيق وتجسير الفجوة بين أجيال اليوم الغارقين جداً في بحور العصر وتقنياته.
رحم الله خلفان بن سندية المنصوري، وبانتظار مبادرات تصون وتوثق الجهد الطيب لأمثاله.