رسالة الإمارات للعالم، بحقيبة ملأى بالبشارة، مهداة إلى كل محتاج، وكل من تعثّر وهو في طريقه إلى الحياة.
غيث يخرج من الإمارات إلى بقاع نسيها العالم، ولم يتذكرها سوى أصحاب القلوب الرحيمة، والذين تربّوا على سجايا المؤسس، الباني، وشيمة الصحراء النبيلة.
غيث وبلغة إماراتية مفعمة بأبجدية هيئة الهلال الأحمر، يجوب البقاع والأصقاع، متصفحاً وجدان الذين غصوا في حفرة العوز، وعرقلتهم وعورة دروب الحياة، ويقف عند دموع حيرى، ومهج محترقة، وقلوب ممزقة، وأرواح غارقة في أتون الفقدان الأليم، ليفصح عن قدرة الإمارات على التواصل، مع الآخر القريب والبعيد، ومن دون لجلجة، أو جلجلة، فقط بصمت النبلاء، وخفّة الطير تذهب إلى هنا، وإلى هناك، ليعبر الحدود، ويتجاوز السدود، وهناك يقف غيث، حيث دمعة المحتاجين، تسيل كأنها الموجة على سواحل العناء، والشقاء، هناك يفتح حقيبته، كما يفتح قلبه، وبلهجة إماراتية ندية كعذوبة الأنهار، ويمد يد العون لأخ أو صديق، ثم يتوارى كأنه السحابة التي أمطرت أرضاً قاحلة، ويبتسم عندما يرى البريق يشع من عيون أضاءها الفرح، بمجيء المغيث، وفي يوم تال تتحول الرحلة إلى مشهد جديد، وتتم مقابلة وجه آخر، وبنفس الروح، وذات الخلق، يقف غيث الإمارات عند باب مغلق، يفتحه بيد ألطف من نسيم الهواء، ثم يبدأ الحوار الشجي، يبدأ الانثيال الأثيري، مما يطرب القلب، ويشجي الوجدان، وكأنك أمام شدو الطير، تسمع وترى، وتقلب صفحات القلب على سيمفونية إماراتية استثنائية يعجز الوجود عن إنجاب مثيلها، وتتلعثم الألسن في التحدث عن سواها، لأن الإمارات لا تشبه إلا نفسها، ولأن أبناء الإمارات ولدوا لكي يكونوا في الفرادة العالية، وفي الاستثناء لا يدانيهم مثال، ولا تساويهم صورة، لأن الإمارات تأسست على البذل، وتكونت من نسيج العطاء، ومن دون شروط، هي هكذا مثل الوردة، تقدم نفسها للعالم، كما هي، ومن دون تلوين أو تزيين، أو تلحين، أو تضمين، أو تخمين، هي هكذا في الجبلة، بلد نشأ على العفوية، والبداهة، وفطرة المخلوقات النجيبة، وعبقرية الكائنات الفذة.
غيث الإمارات بقامة النجباء، يلهم العالم كيف يكون الإنسان إنساناً عندما لا يفند، ولا يفصل، ولا يدلل، بل يذهب هكذا إلى الوجود، إيماناً منه بوحدة الوجود، وتساوي الناس أجمعين في الحقوق، والواجبات. هكذا علمتنا الإمارات، كيف يصبح الحب سحابة، ورحابة، ونجابة، ومهابة، واستجابة لنداء الواجب تجاه الإنسانية جمعاء.