قالوا: «إن الإعلام مهنة تسرق عشاقها»، وهو ما حدث بالفعل مع الراحل الكبير الأستاذ إبراهيم العابد، الذي استغرقت المهنة كل لحظات حياته، حتى حمل بالأمس عصا الترحال المفاجئ، تاركاً لنا صعوبة استيعاب الغياب، فإذا القلوب تهفو، والأرواح تتوق، والنفوس تحنّ، بلوعة أثقل من أن تحملها ظهور كلماتنا.
آمن الراحل الكبير برؤى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» في الوفاء للعمل والقيم، فكان حالة استثنائية في الإعلام الإماراتي والعربي، ومثالاً للصحفي الملتزم بكل ما تحمله المهنة من قيم أخلاقية ووطنية وحسّ.
كان عاشقاً للمهنة إلى حد التماهي معها، وصاحب رسالة دائماً ما أدّاها بأدب جمّ، وابتسامة عاشق كانت طريقه الأقصر إلى قلوب كل محبيه وتلامذته، فقد كان شديد الإيمان بأن المهنة رحم بين أهلها، ومن هنا كان دائم التواصل مع تلامذته، خلوقاً، جمّ التواضع.
مثّل العابد نموذجاً رائداً للمهنية الرفيعة التي عزّزت المسؤولية الوطنية والاجتماعية للإعلام في مسيرة حافلة بالعطاء، أسهمت في نقلات نوعية للقطاع في زمن قياسي.
ورغم أنه ينتمي إلى منظومة الأوائل الذين أرسوا دعائم وأسس العمل الإعلامي في الدولة، إلا أنه لم يغب عن التطوير الذي شهده القطاع فيما بعد، بل كان الحاضر في كل عمليات تحديثه على امتداد وطننا الغالي، ومن هنا نستطيع القول: إنه كان أسطورة مهنية وقيمة وقامة يندر تكرارها في تاريخ الإعلامين الإماراتي والعربي.
لم يغب البعد الإنساني عن شخصيته، فقد كان يمتلك بوصلة من نوع نادر يغوص من خلالها في أعماقنا جميعاً، فيعرف ماذا نريد من غير أن نفصح عن ما بداخلنا، ما جعله علامة فارقة في سيرة كل الإعلاميين على امتداد الجيل، ومنحه بجدارة لقب «شيخ الإعلاميين».
سيبقى العابد مصدر إلهام للجميع، ونموذجاً إنسانياً وطنياً، وتجربة ثرية جديرة بتأمل الأجيال، وسنبقى أوفياء لإرثه ما حيينا.. رحم الله إبراهيم العابد.