هذا العام الذي يجب ألا يعد من أعمارنا، فقد فرض علينا صرامته، وحظره وجائحته، وعلينا أن نودعه بطريقتنا وهو منصرم، ضاحكين، مستبشرين بعام جديد ومختلف، وذلك بالحديث متفكهين عن المواقف المحرجة، وهي أصح لغوياً من المواقف الحرجة، هي مواقف سهو وغفلة، وأحياناً جهل، هي مضحكة، وفيها عبر، وسرعة بديهة وروح الدعابة والتلقائية، وخروج عن «الإتيكيت» والأعراف الدبلوماسية، تحدث لرؤساء وزعماء ومشاهير في العالم، بعضها يتبعها تعليق، وبعضها يكفي الموقف نفسه، وعرق اللحظة، والارتباك الذي حدث، والخجل الذي بدا على الوجوه، مثلما حدث للرئيس الأميركي «جيمي كارتر» وهو المتدين، حين احتضن «جيهان السادات» وقبّلها، وسط دهشة واستغراب الحضور، ومنهم زوجها، وزوجته، ومرة حضر الرئيس الجزائري الأسبق «الشاذلي بن جديد» اجتماعاً للجمعيات النسائية الجزائرية، وابتدأ خطابه الحماسي فيهن، وأنه يقف مع حقوق المرأة وتحررها وتعليمها، ويساندها في كل المواقف والمحافل، وحين غلبته الحماسة، وطغى التصفيق النسوي، قال: «اعتبروني واحداً منكم»!
مفتي الديار المصرية الأسبق «نصر فريد واصل» في أول خطبة قالها على الملأ بعد تسلم مهام منصبه، ارتكب سهواً وغفلة غلطتين في آيتين من القرآن، وهناك مسؤول زار مرة دولة أفريقية، وظل بعد كل وجبة يشكر حسن الضيافة التي يلقاها من كافة المسؤولين في غينيا، رئيساً وحكومة وشعباً، ويطري على الترحيب الحار الذي يلقاه من الشعب الغيني في كل مكان من ربوع هذه البلاد الجميلة غينيا، رجع المسؤول والوفد المرافق له إلى البلاد بحفظ الله ورعايته، ولم يجرؤ أحد من الوفد أن يرشده إلى حرف الكاف بدل الغين، وأن كينيا غير غينيا، واللذين يبعدان عن بعضهما آلاف الأميال.
الرئيس الفلسطيني السابق «أبو عمار» حط به السفر مرة إلى دولة خليجية، فاحتار في اللقب الذي يسبق اسم المسؤول الذي كان في انتظاره في المطار، فوضع أبو عمار -ومثله لا يغلب- أمام المستضيف أربعة ألقاب متتالية ودفعة واحدة: الشيخ، الأمير، قائدنا، زعيمنا، مع كم قبلة من قبله المشهورة، وانتهى الموضوع، ومرة.. وأثناء احتفال برناردشو بعيد ميلاده الثالث والتسعين طلب منه منتج سينمائي أن يسمح لشركته المبتدئة بإخراج إحدى رواياته لقاء مبلغ رمزي، معتذراً بأن الشركة ما زالت جديدة في السوق، وغير قادرة على دفع مبلغ كبير يساوي حقه، فرد عليه شو قائلاً: «أستطيع أن أنتظر يا سيدي حتى تكبر الشركة»، الرئيس «بوش الابن» وأثناء انعقاد قمة المنتدى الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي «أبيك»، اختبصت عليه الأمور، وتضاربت عنده المعلومات، وتشابه عنده البقر، بحيث لم يفرق بين منظمة «أوبك» و«أبيك» وبين «نمساوي» و«أسترالي» حسب اللفظ الإنجليزي، حين تحدث شاكراً رئيس الوزراء «الأسترالي»، ويفترض أن يكون «النمساوي» على استضافته لقمة «أوبك»، وهي منظمة الدول المصدرة للبترول، ويفترض أن تكون «أبيك»، ثم لا أستراليا، ولا أميركا أعضاء في منظمة «أوبك» لكي تتم الدعوة، ويلبيها «بوش».. وغداً نكمل..