أقبل بانفراجك أيها العام الجديد. وقفنا على الشرفات ننادي قدومك ريحاً تقشعُ غمامة الخوف، وتعيدُ إلى نهر الحياة مجراه السعيد. وكنا قد وقعنا من غير أن ندري في حفرة السؤال، وحاصرتنا شكوكٌ سوداء حول مصيرنا كبشرٍ على هذا الكوكب. اعتدنا أن نتبادل الضحكات والآهات بروحٍ رياضية، نتنافسُ على الغنائم، ونحن ندرك أن متع الحياة كلها زائلة، لكن صرخات الموت الجماعي أفزعتنا، ورأينا شبح الفناء من العالم يكبر ويمد أياديه الطويلة ليخطف الأحبة من النوافذ والبيوت. لم يقل لنا أحدٌ من قبل بأن الزمن يمرضُ أحياناً، وأن رئته قابلة للعطب ورجليه قد تخوران إذا اشتد التعب. لم يقل لنا أحدٌ أن مصيرنا مرهونٌ في مدى اتحادنا وتعاطفنا، وأن أي خلل في أي جزء من العالم، كفيلٌ بتهديد المجردة كلها. لذلك انطفأنا في البيوت نتحدث مع الشموع، ثم خرج بشرٌ كثيرون إلى الشوارع كي يهزموا العتمة قبل ارتفاع غموضها، فسميناهم خط الدفاع الأول. ثم سمعنا لأول مرة عن الأمل الأبيض، هذا الذي يكون جنوده الأطباء وملائكته الممرضات حتى أصبح خط الدفاع هذا سوراً عملاقاً من الجنود والفنانين والشعراء والأطباء وأيضاً الأطفال. ثم رأينا العالم يغنون من الغرف والبيوت المغلقة عن شيء اسمه الغد الجديد. الغد الذي انتظرناه دهراً، وجاء اليوم ليحمل اسمك أيها العام 2021.
اليوم، تعود القصيدةُ المغنّاةُ لتترنم غزلاً في الحياة وأشكالها وألوانها. تعودُ الابتسامة إلى مستقرها في الوجوه التي خرجت من رهبة الأمس، وقررت أن تشق طريقها في الوجود. فاحمل قلمك أيها الشاعر، واطعن به خيمة الحذر. احمل قيثارتك أيها المغني واصدح في ضجر الأيام وهزّ معناها المرتبك. وأنت أيها الجندي الذي تطوّع لحماية من يحب، سننثر عليك الورود من الشرفات مخلوطةً بدعاء الأمهات. باتحادنا جميعاً هزمنا الريح المسمومة، وآن لنا اليوم أن نفتح النوافذ على شروق شمسٍ جديدة، شمس عامٍ سنُلبسه بدلة العرس ونزفه قمراً في صفحات تواريخنا.
عامٌ جديد إذن يحمل البشارةَ في أول يوم له بيننا. استقبلناه في الإمارات بأهازيج الفرح، لأننا نؤمن بأن المستقبل هو صنيعة ما نفعله اليوم. وأن الإمارات تتقدم دول العالم في الإيمان بالمستقبل والغد الجميل، وتضع يدها في يد القلوب المحبة لإشعال ضوء الأمل، ورفع رايته مهما اشتد ظلام الأيام. فمرحباً بانفراجك الجميل أيها العام 2021.