من عمق قلوبنا وجذور كياننا ندعو الله في مثل هذا اليوم بأن يرحم الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم «طيب الله ثراه»، فهو القائد الذي حقق آمال وأحلام أبناء شعبه وكان لهم خير النصير. إنه اللطيف الذي استوقفته تفاصيل الآخرين فحرص على إسعادهم، ويتذكره أبناء ذلك الجيل جيداً، فكم من شابٍ قصده لإعانته على تكاليف الزواج أو بناء منزل أو قضاء دين، وعاد من عنده وهو مبتسم متفائل بأنه خطا نحو المستقبل مروراً بالشهم الكريم. وفي ذاكرة الكثيرين تسكن أيام الاحتفاء بزفافه، فقد كان ذلك من مهرجانات دبي التي يتذكرها عازفو الفرق الموسيقية المختلفة، التي علت أصواتها وقرع طبولها فمالت لطربها الأمزجة، وانسجمت أهواؤها مع رقصات الصغار والكبار حتى علقت احتفالية ذلك الزواج الميمون في وجدان ذاكرة دبي.
أذكر جيداً عندما طلبت منه بعثة لإكمال دراستي العليا في أميركا، يقيناً، فلم يصدر منه رد على طلبي سوى ابتسامة وثلاث كلمات «إن شاء الله»، وبعد ذلك الطلب الشفاهي بنصف ساعة تواصل معي شخص من طرفه وقال على عجالة: «أرجو أن تحضري جواز سفرك ونسخة من قبولك في الجامعة، فقد أمر لك الشيخ مكتوم ببعثة دراسية شاملة لجميع التكاليف». كان أول شيء قمت به بعد حصولي على هذا الهيل من الكرم أن توضأت وصليت ركعتي شكر لله. وبعد توفيري للوثائق المطلوبة بيومين أرسل لي نفس الشخص تذكرة سفر ومقدماً نقدياً أدفعه لإيجار السكن في الولايات المتحدة الأميركية.. ثم قال: «أخت عائشة، الشيخ يقول لك إنه بيشتري لك سيارة وكمبيوتر.. حددي نوع السيارة والجهاز اللي تبينه ونحنا في الشوفة»، لقد كان كرمه سابقاً لكل توقع واستشراف، وكم سهل ذلك الأمر علي استخدام الكمبيوتر الذي كان في مجمع الطلبة في الجامعة المكتظة بالغرباء.
 وكم سخر الله الشيخ مكتوم لإسعادنا، فأسكننا وأطعمنا وتولى أمرنا بعد وفاة والدنا، وكافل اليتيم له عند رب العزة شأن عظيم. رحم الله قلب دبي الذي عاش في أرواحنا وعندما سكنت روحه ندعو الله أن يتغمدها برحمته ويسكنه الفردوس الأعلى من الجنة، فقد كان شهماً كريماً والله أكرم. هذه هي قيادة الإمارات العربية المتحدة وهذه قصتي مع من فرحنا لفرحه وحزنا على فراقه، فهو من فعل معروفاً لن أنساه، وأدعو الله أن يقدرني على رد جميله عرفاناً ووفاءً للوطن.