بعد أن ودعنا عاماً حافلاً بالأحداث والمتناقضات، بين شتاء جميل وصيف حارق وربيع له طقوس الفصول الأربعة، «لا شيء غريب، ولا شيء جديد» سواء خاتمة الأشياء وحدها جديدة وجميلة.
بالتأكيد ليس عند البعض، ولكنها عند السواد الأعظم، كلما غاب عام وجاء آخر تطير البشائر، قد تكون سعيدة أو حزينة، ولكنها في نهاية الأمر تمضي مثل سائر السنون والأعوام، وإذا كان نسيان الماضي ومشكلاته وآلامه مهماً، فإنه عند البعض جمال يسكن في التفاصيل الصغيرة.
نقول: عسى أن تكون الخاتمة المدهشة التي رحلت خلف الراحلين أو الذين سيرحلون خيراً، حيث إنها بوادر الأمل في الحياة الجديدة القادمة، ربما الجميع فرح بأن تم تحطيم «كروة»، أو «قلة» خلف الألم الراحل والضجر الغابر والمخلب المثلوم، والوجه المرجوم في آخر المطاف، وهذه سنة الحياة، حيث لا شر يدوم، وللأسف لا خير باق إلى أبد الأبدين، إذا لم يتم التصدق عنه ومشاركة الفقير والمسكين والمحتاج وابن السبيل، ولا عزة لقوم لا يدفعون البلاء، وينشرون النقاء، ويبتهجون للصفاء، وأيضاً لا يناصرون الأعداء، ولا يمدون يد الخير والنماء. وأرضنا وناسنا، والحمد لله، مثل قطر الندى وخيراتهم ملء الأصقاع وسائر البقاع.
 شتاؤنا جميل ورائع، وصيفنا وربيعنا بشائر للمحبة والوفاء.. للشتاء خصائص جمعية وتداعيات فردية، تتبدل بعض البرامج وحياة الناس، ويظهر الكثير منهم متدثراً بالملابس الثقيلة، وكأن الخليج العربي من المناطق الباردة جداً، حيث يبالغ البعض إما فرحاً بأنه استبدل تلك الأثواب الخفيفة التي يرتديها أكبر فترة، والتي تزيد على ثمانية أو تسعة أشهر، أو أن للشتاء مشاغباته الجميلة الباردة، والتجديد في المظهر شيء يدخل البهجة والسرور عند الناس، وفي الحالات الخاصة هو تعويض عن تلك الرطوبة والحرارة القاتلة.
في الشتاء يزداد الحب للصحاري عند البعض، ويبتعد البعض من عشاق السواحل والبحر الجميل، واهب الحياة والرداء!
هذا الأزرق الواسع الذي يتحالف مع ريح الشمال ليرتفع موجه ويزداد جزره ومدّه، إما فرحاً بالشتاء، أو احتجاجاً على تعكير صفوه البديع.
لا نقول غير أهلاً بالعام الجديد، وليذهب هذا العام مرجومة خيباته بدعواتنا بألا تعود آلامه ومحيطاته، ودعواتنا أيضاً بأن يظل الوطن والبلاد العربية كافة وناسها وأصحاب الضمائر الحية، عزيزة وكريمة.
وعلى الرغم من أزمات العام الماضي، فقد تكون ربما ضارة نافعة، بأن نعود للتفكير من جديد، كيف نخلق عاماً سعيداً يعاد فيه البحث عن جديد الحلول والبرامج فيما يفيد المجتمع والبلد والناس.