قالت أنا امرأة بسيطة كأنني غصن على شجرة ورد ينتظر الربيع ليخضر ويزهر، لغتي ترنيمة الحياة وخفق روحي كنبض هذا الكون، عبر قلبي وحبي تمر الكائنات مترفة بغبطة وجودها هانئة في رأفتي وظلي تنساب متئدة بين خفقي وخصب التراب، تتلو نظام الكون في مسراها وأقرأ في طبائعها أسرار الحياة وشريعة الوجود والبقاء!، أفتح نوافذ الروح لألق وجودها وأنمنم رحاب البيت بأعشاشها ونهنهة الندى حين هطول الضياب، وأبتني بالحب لها حديقتي التي تغرد العصافير كل صباح على أغصانها فتوقظني من غفوة طالت ساعاتها، فاستيقظ مبتهجة كأنني أهندس الخلق ورائقة الوئام!، عبر سنين عمري تمر الفصول مترعة بأسرارها كأنها تنقش خطواتها عروقا خفية على جسدي. 
وفي تعاقب الفصول يمر الزمان دون انتباه، وأنا أعد أيامه بدقات الثواني وأحصيها بثقل وطأة السنين، خفية تعبر الفصول ومدارجها عناصر أجسادنا دون خديعة تعبر، دون اجتياز أو اجتراح.. الفصل لا يجتاز فصلا أو يسابقه في دورة الطبيعة، كما أننا نحن البشر نتجلى في مسيرة الحياة كالفصول في تعاقبها، لكن الفصول حين تنتهي تعود الى مبتدئها، أما نحن البشر فإننا لا نعود بعد مبتدئنا إلا إلى نهاياتنا، عبر قلبي وجسدي تمر الحياة بصخبها وسكونها بإيقاعها ونزواتها، كأن كل إنسان مفرد هو اختزال الكائنات، وكأنني بعض فيضها وخفق روحي فضاؤها ودورة العمر دائرة الزمان!.
خارج الوقت والعادي والمألوف أشق دربي وأبتكر لذائذ التجريب والشعر العصيان والإبداع والابتكار في كل مراقي الفنون، فلا طوق يشد أساره علي ولا أفق يضيق بمدى اتساع أفقي، ولا لغة مبهمة الإشارات تنتصب بيني وبين الكون والكائنات!.
الندى الشحيح يوقظني كما يستيقظ البرعم من لمس الندى، المطر الشفيف يبهجني كما تنتشي الجذور بعد حرائق الظمأ، الريح في اشتدادها وتري وفي خفوتها همسي وإيقاعي كأنني والكون مفردتان والنبض يجمعنا، أعلو قليلا فيرعبني خوف السقوط، وحين أسقط يشدني توق خفي إلى العلا!
أنا والبشر وضوح المرئي في ظواهرنا لكننا ككتاب مغلق في غموض أسرارنا. 
وحين نمضي في الكشف والتجريب ننجلي ونضيء بالكشف البهي دروبنا، لكننا حين تحكمنا الضلالة والظلام نعتم، ويشدنا إلى التخلف عجزنا!، عبر قلوبنا وأجسادنا عبر حكمتنا وطموحاتنا يتجلى الوجود في وجودنا، نحن الكائنات البشرية بشائر الخير والسلام في أيدينا إن مسنا الحب، وإن مسنا الحقد تستيقظ شهوة العدم، فأي المسارين ننتقي، فدائح الحروب؟ أم مباهج الحياة في الوجود؟!.