البحث في طبيعة الإنسان ومكوناته النفسية، اختصاص نهض به علماء النفس، من فرويد إلى يونج، لكن الطبيب النفسي النمساوي «فيلهلم رايش» أبدع في هذا المجال، واكتشف عبر عقود من السنين تلك الطاقة الحيوية للكائنات الحية (الأرغون). وكشف عن طبيعة الوحشية التي تمجد الموت على الحياة. وكشف خصائص الإنسان الذي تنطوي روحه على طاقة حيوية تمجّد الحياة، وعن أوجه استلابها من الإنسان امرأة ورجلاً، فببصيرة عالم ومحلل نفسي، يرى «رايش» أن على الإنسان العادي أن يتعرف إلى الواقع، فهذه المعرفة وحدها قادرة أن تقف ضد استلابه. وعليه أن يتعلم أن يحب. أن يعرف كيف يتحول الإنسان في علاقاته الاجتماعية والإنسانية من إنسان طيب القلب إلى إنسان ساذج ومعرض للغدر من بعض العلاقات القائمة التي تجعله يمجّد الموت على الحياة، ويحوّلهم بخنوعه واستسلامه إلى جنرالات واستغلاليين، ويصفوه بالإنسان الذي لا يستحق الحياة. لذا يقدم «رايش» هذه الوصايا: (أيها الإنسان إن حياتك ستصبح جيدة وآمنة إذا كان ماهو حي بداخلك أهم بالنسبة لك من الأباطيل. والحب بالنسبة لك أهم من المال. وإذا ما عم صفاء الموسيقى حياتك كلها. وإذا ما أصبح فكرك في انسجام مع أحاسيسك وليس في تناقض. وإذا ما أدركت مواهبك في الوقت المناسب. وإذا ما بدأت تعيش أفكار الحكماء. وإذا ما أحسست بالسمو عند سماعك الحقائق، والفزع عند سماعك الترهات. وإذا ما جعلك الحب الذي تحسه تجاه أبنائك تهتز طرباً وليس غضباً. وإذا ما شعرت بالفرح حين ترى وجوه الناس في الشوارع تفيض بالسعادة والصفاء وليس بالحزن والبؤس. أيها الإنسان إنني أعرف أنك كائن حي محترم واجتماعي وعامل مثل نملة أو نحلة. إنك قادر على تجاوز صغائرك لأن وعيك هو الأمل الذي تبقى للبشرية. أنت كبير إذا ما اعتنيت بعملك وأنجزته بحب. إذا ما شعرت بالفرحة لحظة الرسم والبناء والتربية والزراعة. وإذا ما شعرت بالسعادة حين رؤيتك نمو أطفالك، وإذا ما رحلت إلى الكواكب من أجل اكتشافها، وإذا ما ذهبت إلى المكتبات لتقرأ ما أبدعه كتابها حول الحياة). 
 إن هذه الوصايا ينبغي أن نسجلها على كل أنواع الأشرطة، ونلقنها أطفالنا منذ طراوة المهد، ونقرأها على أنفسنا خمس مرات في اليوم، وقبل النعاس وعند اليقظة، ونلصقها بوسترات على مداخل البيوت والغرف، ونبثها من الإذاعات والفضائيات. لعلنا بعد حين نكون كما تستحق إنسانيتنا أن نكون!