باختتام مشوار التصفيات المؤهلة للأدوار النهائية للنسخة الثالثة والثلاثين لكأس أمم أفريقيا، التي تستضيفها الكاميرون مطلع العام المقبل، تكون تضاريس الكرة الأفريقية قد تغيرت قليلاً، ببروز ظواهر جديدة، ستكون ولا شك مؤثرة في المشهد، حاملة لسلالات إبداعية من نوع مختلف، تشعرنا أن في تجاويف هذه القارة تصهر معلمات كروية جديدة.
أجمل تلك الظواهر بلا شك، أن تتواجد سبعة منتخبات عربية في مونديال أفريقيا، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ المسابقة الأفخم أفريقيا، على الخصوص منذ أن قفز رقم المنتخبات المترشحة للنهائيات إلى 24، فما سجلته نسخة مصر قبل عامين هو حضور خمسة منتخبات عربية، نجح بينها منتخب «محاربي الصحراء» في خطف اللقب الثاني له منذ الأول الذي تحصل عليه قبل 31 سنة.
وبين كل شقائق النعمان العربية، التي حجزت لها مكاناً في مونديال قارة الأمل، كان هناك ضوء منبعث كالسحر من جزر القمر البلد العربي المستوطن لمياه المحيط الهندي، والذي لا يزيد عدد سكانه على التسعمائة ألف نسمة، والذي بات يقتفي أثر الناجحين ويقدم نموذجاً كروياً يقوم على البساطة وعلى الطموح الذي لا سقف له.
 ففي واحدة من أكبر وأقوى مفاجآت مطحنة التصفيات، تمكن منتخب جزر القمر وهو الرقم الصغير في مجموعة قوية تضم مصر، توجو وكينيا، والمصنف عالمياً في المرتبة 130، من كتابة فصل رائع في تاريخه، عندما تمكن وسط كل هذه الحيتان الضخمة من خطف بطاقة الترشح مع «فراعنة النيل» قبل نهاية التصفيات بجولة واحدة، بتعادله أمام منتخب توجو، بعد أن كان قد هزم نفس صقور توجو بلومي وفرض التعادل على مصر، وانتزع نقطة من كينيا بنيروبي وهزمها بموروني.
هو بالتأكيد مولد لمنتخب نحت طويلاً في الصخر، لم ييأس أبدا في رحلة البحث عن شيء يقدمه كفارس جديد، لم تثنه لا حداثته ولا مرجعيته التاريخية الصغيرة، عن أن يؤمن ليس فقط بأحقيته في الحلم، ولكن في إحالة هذا الحلم إلى حقيقة، ولعل هذه المكافأة الجميلة التي تمنح لمنتخب جزر القمر لقاء ما أبداه من شجاعة وجرأة وجسارة، هي واحدة من حسنات الزيادة في عدد المنتخبات المتنافسة داخل الأدوار النهائية، فتنمية القارة كرويا يبدأ من فتح هوامش الأمل أمام المنتخبات التي كانت إلى وقت قريب بلا أمل.
سبعة منتخبات عربية ستكون إذاً على خط انطلاق كأس أمم أفريقية، من الطبيعي أن يكون أكثر من منتخب عربي واحد مرشحاً لنيل لقبها، لتأكيد احتكار الكرة العربية للألقاب الأفريقية، إن على مستوى المنتخبات وإن على مستوى الأندية، ومن البديهي أيضاً أن الوصول إلى الغايات يتطلب مزيداً من العمل لتكون الطلة العربية جميلة كطلة جزر القمر.