نهايات المسلسلات الرمضانية لا أدري لِمَ تحظى بذلك الاهتمام والمتابعة، وتكون حديث الناس خلال أيام عيد الفطر، ومع بدايات الدوام بين الزملاء والزميلات، وكأنهم يريدون إضافة حلقة ما بعد الأخيرة، رغم أن الكثير منها شغل «أحسنتوا»، وشغل مخرجين لا يريدون أن يزعلوا أحداً، ويريدون أن يخرجوا من معمعة رمضان رأساً برأس، وفي بعضها المنتجون شكلهم، من الآن، ناوون على جزء ثان من المسلسل وتكملة جديدة لرمضان استبشروا بنجاحاته، والقصة ذاتها حينما يكبر الصغير، ويأخذ بثأر أبيه، طبعاً الولد يجب أن يكون نفس البطل في تعاقب الأجيال وتشابه الوجوه، أما مسلسلاتنا المحلية فأمرها غريب، تجدها طوال الشهر كوميدية، وفي النهاية فجأة تتحول إلى دراما من دون سبب أو إلى حلقات وعظية وإرشادية لا تتناسب مع بداياتها الهزلية، تماماً مثل النهاية في بعض المسلسلات حيث تجد التوبة طبيعة نهايتها، والكل بمن فيهم الشخصيات الشريرة يعرف في نهاية المطاف أن الدنيا ما فيها فائدة، وأن تجارة المخدرات لا تجلب إلا الندم، وأنه لاشيء مثل الدين والرجوع إليه، فيقرر أن يتوب في آخر رمضان، بعض نهايات المسلسلات تذكرني بنهاية أفلام «فريد شوقي ومحمود المليجي» حيث يقوم «جمهور الترسو» بالتدخل لتغيير النهاية التي لا تعجبهم، خاصة في حال موت «فريد شوقي» في نهاية الفيلم أو عدم القبض على رئيس العصابة «محمود المليجي» وزجه في السيارة «البوكس» الزرقاء، غير أن هناك مسلسلات «يخبصونها في الشرف»، فيقوم الكاتب والمخرج والمنتج ويقضي على كافة الممثلين في المسلسل عن بكرة أبيهم، ولا يبقي على أحد منهم صحيحاً معافى، تجد الطلاق بالثلاث، وتجد المخدرات في كل مكان، وتجد الدم والانتقام والقتل في كل زاوية، هناك بعض من النساء تظل تدعو بنفسها ومع صديقاتها المشاهدات على بعض شخصيات المسلسلات التي تكرهها أو تغار من ممثلة فيها: «دواها.. هذا جزاء أفعالها»، والبعض منهن تندمج في المسلسل، وتظل تبكي على هذه، وتسب ذاك أو تبكي على ما صارت إليه الأمور في نهاية المسلسل، وبعضهن ينتقلن من النقد الفني للمسلسل إلى النقد الشخصي: «هذه الممثلة ضعفت وايد هالسنة، أكيد قاصة المعدة»، «شفتي البوتكس.. والفيللر، شو مسوّية بعمرها»!
بالنسبة لي لا أرى واقعية في نهاية كثير من المسلسلات الرمضانية، لِمَ لا ينتصر الشر مثلاً؟ لِمَ دائماً صورة البطل وتضحياته الكبيرة غير المبررة؟ لِمَ البطولات الوهمية والمفتعلة لبعض الأجهزة، والتي هي خارج المنطق، وخارج الأحداث المعاصرة، وفوق طاقة المعقول من الأمور؟ حتى تشك أن هذه الأجهزة هي المنتج الممول خلف الكواليس، كثير من المسلسلات خارج واقعنا، وخارج المعادلات الجديدة والمتغيرة في الحياة، وخارج تفكير أجيالنا المتطورة الذين يهربون من مسلسلات السذاجة العربية إلى المسلسلات الأجنبية المنطقية، وبذا نخسر جيلاً جديداً، ونحكم عليه بالانقطاع عن ثقافته العربية!