مبادرات بناءة، وأفكار مضاءة بمصابيح الوعي، وخطوات واسعة الظلال، تقوم بها هيئة المساهمات المجتمعية، وأول الخطوات، حياكة النسيج الاجتماعي بخيوط الألفة، والاقتراب من آرائك البعض، ليبدو الصوت أكثر دفئاً، وأكثر حميمية، وأكثر وضوحاً.
لا شك أن المجتمع في ظل النمو الاجتماعي، وتوسع حدقة الأسرة، كما تعاظم الشرائح الاجتماعية، وتنوعها قد شهد فجوة عميقة، وجد الأوفياء ضرورة ردمها، وسد ثغرتها، لمنع دخول الغبار إلى البيوت، وصد الرياح العاتية، وكبح جماحها حتى لا تحطم أوتاد الخيمة، ولا تشقق سقفها، ولا توسخ سجادتها.
هكذا وجد المخلصون أنه لا بد من هبة، صادقة، تزيل الغبار، وتعيد التوازن إلى الجسد كي لا يقع على الأرض ويفقد قدرته على السير نحو المستقبل، بخطوات ثابتة، ووثبات واثقة.
«معاً» خطوة نحو البوح الصحيح، فالأم التي تعمل منذ الصباح الباكر، وحتى آخر النهار، ينتظرها صغار اشتاقوا لابتسامتها، وهيضهم البعد الزمني، وهشم مشاعرهم.
كذلك الزوجة التي أمضت الساعات غارفة من جهدها الكثير، الجزيل، بحاجة إلى الزوج الغائب، كي يرطب مشاعرها بكلمة، تنزل على الخافق مثل الثلج، والبرد، هذه الاحتياجات الفطرية، لن تتحقق إلا بالوعي، بأهمية أن نكون معاً، على أريكة الدفء، يجمعنا الحب، ويؤلف بين نواصينا حبل مودة مثل أهداب الشمس، مثل خيوط العقيق على نحر القمر، هذه المتطلبات النفسية لن يحدث لها أثر، طالما غابت الأجساد، وتناءت المشاعر، وزحفت القلوب وراء مظاهر جافة مثل عراجين قديمة، مثل جلود حيوانات ضربها لهيب الصيف.
نحن بحاجة لأن نكون معاً، البيت، وفي دروب الحياة، في المنتجعات، وفي المتنزهات، وفي حدائق الرخاء الاجتماعي.
نحن بحاجة لأن نكون معاً، لأن المجتمع لا يقوى إلا بصحة العلاقة بين أفراده، ولا تصح العلاقة بين أفراد المجتمع إلا إذا وجد القاسم المشترك الذي يرسم الابتسامة على وجوه الجميع، ويبعث الفرح في قلوب الجميع، ويزيل الغمامة عن كاهل الجميع.
فنحن كل لا أجزاء، نحن في الوجود جسد واحد، أعضاؤه تتداعى من أجل استقامة عود الجميع. هذه المساهمة المجتمعية «معاً» لهي الوثبة التي نتحراها، ونتمناها وننتظر شعاع شمسها متى يبرز من خلف الغيمة.
«معاً» الشجرة التي ستظلل رؤوسنا بقماشة الحنان الأسري، وهو المطلب الذي ينقص كل المجتمعات في الزمن الراهن.