هكذا هي الحياة كما يتصورها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، تنتزع ولا تعطى، ومن لا يعمل لا يأمل أن تصبح دروبه مثل الجداول، ومن لا يختر مصيره، فلن يتحقق له مصير، والذين يجلسون على الطريق، مكبلين بأصفاد اليأس، مسربلين بسلاسل البؤس، وينعون الحظ النحس، هؤلاء ليس لهم في محفل الحياة أي دور، هؤلاء في نقيقهم، ونعيقهم رغوة الصابون لغسيل تالف، وقرقعة الحصى في قدر فارغ، هؤلاء تراهم مستعدين ولكن للأسف، بهم رجيف المشاعر، وتكسرات الخاطر، وحطام سفن جرها موج العجز إلى رمال الضعف، والهوان، وهشيم، ورميم، وسقيم وعديم، هؤلاء في وجودهم كبوات قد تعثر خطوات الآخرين، هؤلاء في نواحهم فجوة واسعة ما بين الحياة والموت.
في بلد مثل الإمارات، لا يستقيم عود من تأخر صباحاً، وقد انطلق القطار إلى حيث تكمن الحقيقة، وحيث تنتعش أجنحة الطير، محلقة في تضاريس الفضاء الوسيع.
في بلد مثل الإمارات، لا يتضمن إغماضة العين، والتثاؤب إلا طول ساعات الموت السريري لإنسان أطفأ نور الإرادة وتلحف، وغاص في أتون أحلام وهمية، سرمدية، عدمية، عبثية، جرداء بلا روح ولا لون ولا ذائقة.
الحياة في مجملها هي خيط مربوط بلا نهايتين، ومن يفكر بنقطة الوصول، أو محطة توقف، لن يصل إلا لنهايات أشبه بآبار خاوية، أو أرض ثاوية لن يصل، لأنه فقد القدمين اللتين تحملانه إلى الأهداف السامية عندما ظن أنه يستطيع الوصول عبر حمالات أحلام اليقظة.
أحياناً بعض الأمثلة التراثية تثير الفزع في النفس وعندما يقول لك إنسان ما «مد ريولك، على قد لحافك»، فإن هذا الشخص يضع كومة من الرمل في طريقة، لكي لا ترى ما بعد هذا الركام، فتنام، ولا تصحو إلا والقيامة قد قامت، وحشر الناس، ونشرت صحائفهم.
ويستفزك من يقول لك «القناعة كنز لا يفنى»، وهذه المقولة قد تصلح في ظرف من الظروف، ولكنها عندما تصبح قاعدة فإنها تزخر بالمحبطات، وتفيض بالمثبطات، وتطفح بالشروخ النفسية التي تحيق ببعض الناس، وتنضح بمياه ضحلة، سوداء قاتمة إلى حد التسميم.
فالقناعة يجب أن تكون بأنه لا مستحيل أمام العقل عندما يزدهر بالوعي، وعندما يمتلئ وعاؤه بسيول من المعرفة وأنهار من الفكر المستنير.