في التاسع والعشرين من هذا الشهر، الإمارات على موعد مع إشراقة جديدة من إشراقات مشاريعها العملاقة، والاستثنائية، في هذه المناسبة سيكون الأرشيف الوطني هو الفارس على صهوة التواصل، وهو القبطان الذي يقود السفينة نحو أفق الآخر، وهو الشجرة التي ستغرد طيور العالم بلغات أشبه ببوح النجوم، وصدح الموجة، وهي تومض عند سواحل الوعي ببياض السجية، ونصوع القريحة.
الأرشيف الوطني في الإمارات ليس مخزناً لملفات الذاكرة، كما هو المعروف في بعض من العالم؛ الأرشيف الوطني في بلادنا هو نخلة العناقيد التي تسهب في تنضيد الذاكرة بجديد يسهم في بناء جسر التواصل مع العالم، ويشارك بهمة الأوفياء في صناعة تاريخ جديد للأفكار، وتلوين الوشائج بريشة الوعي المتجلي بأحلام النشوء والارتقاء، للوصول بالعقل إلى محيطات، زعانف كائناتها لها ملكة الرفرفة، والتحليق، لها قدرة الاختراق، وتطويق العالم بلغة خارج معجم الكلمات البديهية، والتقليدية، لغة تحمل في طياتها نفحة الوجود الأشمل، من بدء البدء، حتى نهاية النهاية، ولا وسط بينهما سوى مقولة مارتن هاديجر: «الإنسان راعي الكون». والإمارات قد أخذت على عاتقها مسؤولية الاندماج في الحياة، والتناغم مع الآخر، كوحدة مصير، وقاسم مشترك، لا مجال للانفكاك منه، ولا جدال حوله، لهذا فإن الأرشيف الوطني في الإمارات، يحمل مسؤولية تمديد الجسور كسائر المؤسسات المعنية بهذا الشأن، وعندما ينظم الأرشيف الوطني مؤتمراً للترجمة فإنه يسعى بجهد، وود، إلى ترسيخ القاعدة الأولى في رسم حدود العلاقة التي ليس لها حدود، وهو يقوم بدور الكوكب الذي يطوق نوره رموش الكون، فيمنحه الوضوح، يمنحه لب الحقيقة.
الحديث عن الترجمة هو ولوج دائرة الكرة الأرضية وهي تستدير على عالم عدد سكانه تجاوز السبعة مليارات نسمة، هذه الأرواح المتحركة تحت ضوء الشمس أو رداء الغيمة، أو بين هذا وذاك، هي في الأساس تنتمي إلى لغة واحدة، وهي لغة القلب، ولما اتسعت الدائرة، تناثرت منها الحروف لتصبح لغات جمة، ولكن في الأصل هو اللسان الذي من خلاله نرشف العذوبة، واللذة، ومنه تصدر رنة القلب، وهفهفة الروح.
شكراً للأرشيف الوطني، فالجهد كبير، والعطاء يستحق الثناء.