سيبدو طويلاً كل هذا الغياب لو رأيتموه غياباً.. شخصياً لم أغب، ولم أبتعد لحظة واحدة، ليس فقط باعتبار أن هذا عملي، ولكن لأنه عشقي.. أن أبقى قريباً منكم.. أن أنشغل بما خالط العمر منذ بدايته.. الرياضة والكرة والصحف.. الحبر الذي أصبح لوناً على شاشة الكمبيوتر، وكذا الأوراق الافتراضية.. أتدرون رائحة الورق والحبر كانت أروع.. الكتابة أيضاً أصابها الاحتراف، فبتنا نشتاق لأيام الهواية.. تماماً كما الكرة وكما أشياء كثيرة باتت تشبه هذا الزمان.
لم أغب يوماً عنكم، خاصة وقد تعددت النوافذ.. لم تعد تلك الزاوية النافذة الوحيدة التي أطل منها عليكم أو تطلون عليّ.. فضاءات العالم الجديد باتت أكثر، لكني لا أدري لماذا كلما اتسعت بدت وكأنها تضيق؟.. لماذا كلما زادت، بدا ما مضى حتى وإن كان بدائياً شحيحاً- هو الرفيق والصديق؟
تعود عجلة الدوري مجدداً إلى الدوران، ليكتب صفحة جديدة من صفحات الرياضة الإماراتية وكرة القدم خاصة، وكذا صفحة من صفحات العمر الذي رافق الدوري شغفاً وعملاً وحباً وأصدقاء ومدرجات لم نترك واحدة منها إلا كنا فيها.. الدوري لدى من يكتبون عنه ليس مجرد نتائج ولا مباريات وبطولات.. هو صفحات من عمر وترقب وعمل وضحكات.. الدوري نعرفه أكثر حين نكون هناك.. وسط الهدير، حين تذكرنا الصيحات بأيام خلت، وأبطال مروا على جسر الذهب، ونجوم هتفنا لهم، وأندية كانت لعشاقها بيوتاً وسامراً وضوءاً لم يغب.
يعود الدوري في نسخته السابعة والأربعين، ليبحث عن بطل جديد غير الثمانية الذين سطروا أسماءهم في مسيرته، أو عن بطل من بين هؤلاء الأوفر حظاً والأعلى كعباً على الدوام، يتصدرهم العين صاحب الرقم القياسي بثلاثة عشر لقباً، وصاحب أفضل وأروع بداية في تاريخ المسابقة بثلاث عشرة مباراة قطعها من دون أن يخسر.. يعود الدوري اليوم مسجلاً رقماً قياسياً جديداً بأسرع بداية في تاريخه.. يعود وحولنا دوريات لا زالت لم يسدل ستار منافساتها بعد.
يعود الدوري، وما زال إسماعيل مطر يذكرنا بأننا لا زلنا صغاراً نستطيع أن نجري، وأن نسدد ونحرز الأهداف، يعود وفينا السنغالي ديوب يذكرنا بأن الطموح إرثك تحمله فوق كتفيك، ينتقل معك أينما ذهبت.. يعود ومعنا علي مبخوت، يصرخ فينا بأن الأجمل يصنعه أبناؤنا، وأننا مهما بلغنا من الاحتراف، ومهما استقدمنا من لاعبين، لن يصنع الفرحة أحد مثل أولئك الذين لعبوا في «الفريج».

‫** كلمة أخيرة:
يعود الدوري ليرافق العمر، لكن الشيء الذي لن يعود هو العمر.