لم تكن «الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان»، والتي صدر قانون بإنشائها مؤخراً، إلا امتداداً لنهج إماراتي راسخ، وتأكيداً لقيمة حضارية أصيلة، وتتويجاً لسلسلة طويلة ومتفردة من جهود وإجراءات اتخذتها بلادنا، كان محورَها وغايتَها الإنسانُ وحقوقه وصون كرامته وحرّيته.
فربّما لا يعرف كثيرون من المتابعين للشأن المحلّي أن «سياسة الأبواب المفتوحة»، السائدة بين الحكام والمواطنين في الإمارات، والتي تشكل أهم سمات مجتمعنا اليوم، كانت نهجاً أصيلاً شكّل جوهر العلاقة بين أجدادنا وحكامهم على مدى عقود طويلة قبل الاتحاد، ومثَّلت أعلى درجات التواصل الديمقراطي بين حاكم ومحكوم، حتى إننا لا نبالغ إن قلنا: إن قيام الدولة جاء نتيجة مباشرة لرسوخ هذا النهج.
ولعلّ ذلك يفسر سرّ العلاقة الفريدة بين قيادة الإمارات وشعبها، والتي جعلت من بلادنا المشروع الوحدوي الأكثر نجاحاً في المنطقة والعالم، ومثّلت أحد مكامن قوته، وكانت وراء الإنجاز الذي تحقق في أرضنا، في ظل منظومة متكاملة من التشريعات والإجراءات التنفيذية التي تكفل الحقوق وتصونها في مجتمع يسوده التسامح، وتتعدد فيه الثقافات، ويعيش فيه أناس من شتى أرجاء العالم بانسجام ووئام.
«حقوق الإنسان» ليست أمراً جديداً أو طارئاً أو عابراً في الإمارات، بل نصّ في دستورنا، سبقته ممارسات لها جذورها الحضارية في تاريخنا، وعرفها أسلافنا قبل أن يعرف العالم «الإعلان العالمي لحقوق الإنسان»، وقبل أن تعتمد الأمم المتحدة هذا الإعلان لاحقاً كمعيار مشترك لكافة الشعوب والأمم، ولقد تحوّلت هذه الممارسات مع مرور الزمن إلى قاعدة راسخة في بلادنا، لها خصوصيتها ومميزاتها، وهي اليوم أكثر تركيزاً وسطوعاً.
وبعد أن بلغنا نصف قرن من الاتحاد والتنمية والرفاه، في ظلّ علم ودستور وبيت متوحّد وبلد راسخ في التنمية والعدالة الاجتماعية وسيادة القانون، وقيادة هي محل ثناء العالم اتزاناً وعقلانية وحكمة، تأتي «الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان» لتتوج مشروعنا التنموي الذي يحمل هويتنا وملامحنا وتسامحنا، وتشير إلى عمقنا الحضاري بمفهوم عصري.