حلم الخمسين يستيقظ على وقع أجراس الوعي وهمة المبادرين، والمثابرين، والحادبين في فيافي الفكرة المبجلة، الماهرين في صناعة أيام الناس، والمبدعين في غزل نسيج الطموحات، والباذخين في الأداء الوطني، والمترفين عزيمة، وإرادة، والمفصحين عن قدرات بلا نهاية، والمكللين بتيجان الفرح، والمتوجين بأكمام الجمال، والذاهبين في المراحل نحو غايات مبهرة، وثمرات مذهلة، ونتائج مدهشة، والذين يضعون الوطن على أكتاف المجازفات النيرة، والذين يرسمون الابتسامة على وجه القمر، وينقشون السعادة على محيا النجوم ويسكبون الزلال في صحائف الناس أجمعين، ويسبكون القلائد عند نحور، وصدور، ويجعلون من الوقت مراوح تستدير حول العيون، لتلهمها الوعي بحرية العمل، وجوهرية الانغماس في أتونه، والتناغم مع نخوته في بعث الروح في الزمان، والمكان، والإنسان.
خمسون مشروعاً، مثل العناقيد تنضد لآلئها، وتفشي أسرار النهضة في بلد لم تتوقف ساعة خطواته، ولا ثانية، ولا لحظة، لأنه بلد يعمل من أجل الحياة، وليس من أجل البقاء، لأنه بلد يفيض بالحب كما يفيض بالانتماء إلى الوجود الواحد، هذا ما يجعله يسير ويرتب خطواته من غير زلل، ولا خلل، ولا جلل، ولا كلل، إنه الوطن الرحيب، في فضائه تنظم الفراشات ألوانها، وتفند الزهرات بتلاتها، والكواكب تسير في فلكه، منضوية ضمن أحلام لا تغشيها غاشية، ولا تكدرها فاشية، هو هكذا هذا الوطن الذي حباه الله بقيادة لا تعرف المستحيل، ولا التوقف عند محطات، أو علامات ترقيم، فالحياة هنا، في الإمارات كالنهر، إن أعاقته عائقة، فأنه ينعطف إلى جادة أخرى، ويمضي في طريقه إلى الأشجار مما يجعل الحقل في بلادنا نضراً، أخضر، يافعاً، يانعاً، لدناً، مستحباً تشتاقه العيون وتتوق إليه النفوس، وتهواه القلوب، وتعشقه الأرواح، بلد أصبح اليوم المدار، والمسار، والنهار المضاء ببياض قلوب أهله، ونصوع ذواتهم، ونقاء أناهم.
خمسون مشروعاً، قد تكون قليلة على بلد جنوده الأوفياء لا يؤرقهم نهار، ولا يعرقلهم ليل، إنهم في الحياة كواكب خالدة، مدارها الواسع كون يستمد أنشودة خلوده من روعة التفاني، ورونق التضحيات، وبريق المرور عبر خلجان الحياة من دون تأفف، أو ضجر.