نافورة إكسبو دبي 2020، تخيط معطفها الأبيض بنعيم المبدعات، الماهرات، الذاهبات بأهداب الماء إلى ثنيات التراب الأريب، والقطر مثل السبر في عروق الشاهقات البواسق، هي هكذا في مخمل تردداتها ما بين العلو، والدنو، ترهق الناظر وتخلب لب الطير المجنح عند النواصي، وجادات المقل، هي هكذا تبدو في التضاريس حكمة المشاعر، عندما تختزل الزمن لتصبح العيون ما بين الماء المزلزل، والبياض المهلهل نقطة النون، في سطر الزلال، وحرف آخر كما إنه الألف يتسلق في هبوطه دهشة العشاق، وفي أفئدتهم شغف، وكلف، ولهف، ودنف، وما تسرده السلاسل الناصعة من فرحة الماء عندما تتدفق في خلاياه رعشة التوق إلى عالم تؤمه الأحلام، ويضمه حمام الدوح مفتتناً بنجود وبرزخ، وتحضه السواقي نحو غايات الجمال، في بطون الشعر، وفي عيون الكلمات، وهي ترفل بسندس المحسنات، واستبرق البديع من الإلهام.
في سماء دبي كل شيء مستلهم من فيض العبقرية، ورغد الفرادة في تضفير جدائل الماء ليصبح في الحياة كحسناء تجلت بالبهاء، وأطلت بالطلعة الزاهية. في دبي يبدو إكسبو سنابل عشب قشيب، تراقصت على نغمات موسيقى الماء، ونقش الحناء على صفحات البناء السخي في كل زاوية، وكل منصة، إنها الحفل العالمي على أرض دولة عالمية العهد، والوعد، كونية الثقافة، وجودية الحلم، لا توجد حبة تراب في دبي إلا ولمستها ريشة فنان، استلهم الفن من نبوع التاريخ ومن جذور الأرض، فنان بصيغة شاعر، وشاعر بسمت الفن، وما بين الضفتين تكمن أغنيات الخيل، وخبيب المعنى في غضون اللحن الخالد.
دبي، وربما تظل هذه الحروف الثلاثة مثل ضلوع في الصدر، مثل أوتاد تسند الشهيق، مثل خيوط تربط مفاصل المغزى في ضمير الإنسان.
دبي وهي تسكب رحيق الماء في وجدان المعرض، إنما هي تطرب الغيمة، بترانيم الشلالات الرهيبة، وتجعل من السماء قبعة عملاقة، تظلل رأس الحقيقة، وتمنحها زينة الحياة الدنيا، تمنحها رونق الجمال ورائعة الملاحم الأبدية، ضمن أبجدية البداية، والتي لا تنتهي حتى تبتدئ، لأن دبي ليس لها إلا طرف الاتجاه نحو الأعلى إنها مثل مسبارها، ومثل حبرها على صفحات اللحظة المباغتة، تذهب هنا، وتذهب هناك، فتجد دبي تحطم الأرقام القياسية في الإبهار.