جلبتني إليها قمة المان يونايتد وليفربول على مسرح الأحلام أولد ترافورد في دوري الفرجة والاحتفالية، بالكم الهائل للأساطير التي تواجدت على المدرجات كما على أرضية الملعب، وبالرهانات التكتيكية بين مدربين يتباعدان في الفلسفة وحتى في الهوية التكتيكية.
طبعاً لم ألق بالاً للإذلال الذي أصاب به الريدز المان يونايتد، وسط قومه وهو يتهاوى وبين صفوفه الدون بخماسية تعددت تسمياتها في الصحافة الإنجليزية، لأن ما شغلني أكثر هو الفرعون الصغير محمد صلاح، الذي كان يحتاج لمثل هذه النزالات لكي يرسل من مصباحه السحري شعاعاً مبهراً، ويقنعنا جميعاً ونحن نقترب من انقضاء الآجال الزمنية لوضع ترشيحات الأفضل في العام الذي سينتهي بعد أسابيع، بأنه منافس قوي على الكرة الذهبية الشهيرة التي تمنحها مجلة «فرانس فوتبول» الفرنسية، كواحدة من أعرق جوائز التميز، والأكثر رسوخاً في المصداقية.
سجل نسر مالي الجارح نابي كيتا الهدف الأول في مرمى المانيو، فأعقبه هدف ثان لدييجو جوتا، ثم كان شلال النيل المنهمر، ثلاثية مو صلاح التي لم تبق حيلة لأنصار مانشستر يونايتد ولم تذر.
في اللحظة ذاتها، ومو صلاح يبسط جناحيه على مسرح الأولد ترافورد، بالثلاثية التي جعلت منه أكبر هداف أفريقي في البريميرليج، خطرت ببالي القصيدة الرائعة للشاعر حافظ إبراهيم، وهو يتغنى بالمحروسة «مصر تتحدث عن نفسها»، ووجدت في النفائس اللغوية الجميلة لهذا القصيد والتي تعجز كل بيان، ما ينطبق على صلاح، فالرجل الفرعوني وقف ليقول في هذه المعلقة الكروية بملعب الأولد ترافورد، ما قاله جده حافظ إبراهيم في أم الدنيا:
وقف الخلق ينظرون جميعاً.. كيف أبني قواعد المجد وحدي.
أنا تاج العلاء في مفرق الشرق.. ودراته فرائد عقدي.
نظر الله لي فأرشد أبنائي.. فشدوا للعلا أي شد.
ولنا بعد الذي شاهدناه من مو صلاح، أن نتساءل، هل بهذا الإبداع المنساب، وبهذا التميز الذي يرمي الجميع بالدهشة، يمكن للفرعون الصغير أن يكون من أكبر المتنافسين على الكرة الذهبية؟ 
بل لماذا لا يكون بالفعل هو الكرة الذهبية للسنة الحالية؟
أنا من خبر لسنوات المعايير التي تحددها مجلة «فرانس فوتبول» للانتقاء والتصنيف، وبخاصة تلك التي تتعلق بالجانب المهاري للاعب، بأرقامه القياسية وأيضاً بالالتزام بالقيم الأخلاقية، أجزم بأن محمد صلاح، بما يفعله داخل الريدز، بتوقيعه لأهداف حاسمة، بعضها من جنس صعب ومستحيل، بمساعدة فريقه على حسم العديد من المباريات بتمريرات حاسمة، سيكون من أقوى المتنافسين على جائزة هذه السنة، بل أرشحه ليكون بين ثلاثة أراهم الأكثر حظاً للجلوس على عرش الأفضل، ثلاثة يوجد بينهم الإيطالي جورجينهو، عطفاً على ألقابه مع تشيلسي والمنتخب الإيطالي، والبولندي ليفاندوفسكي الذي يواصل سفره الجنوني في تحطيم الأرقام القياسية.