«إكسبو 2020 دبي» الملايين من داخل البلاد وخارجها تقصده، وتتقصد رؤية ذلك البريق، وذلك الزهو المزدهر، والمزهر بأناقة الأجنحة التي رفرفت، وهفهفت، بروح العلاقة ما بين الإنسان والجمال، وما بين الإنسان والصحوة المباركة، وما بين الإنسان والحب والذي أصبح في دبي كائناً عملاقاً، خلاقاً، متدفقاً بسحر العطاء، متأنقاً بفكر الوفاء للإنسانية وللأرض وكل ما يدب على ترابها.
كنت قبل أيام في دبي، وفي الجميرة على الأخص واستطعت أن أبني علاقة ودودة مع ذلك الطائر الأنيق، طائر الطاووس، والذي تطلقه دبي بين الأزقة ليعبر عن مدى العلاقة الحميمية بين الإنسان والكائنات الأخرى، من خلال هذا المشهد قفزت إلى ذهني شرارة موحية إلى أن البلد الذي استطاع أن يكون موئلاً للطير بكل أنواعه، وأشكاله، لجدير به أن يكون منزلاً للناس جميعاً، تؤمهم الفرحة ويجمعهم الهم الواحد، ويؤلف بينهم الحب، هو هذا القاسم المشترك الذي بنته دبي، وشيدت عروشه، ونسجت حريره، وحاكت قماشته، ووثقت بين ضلوعه، وربطت خيوطه، حتى أصبح العالم اليوم في دبي، خلية نحل تبني للشهد مآلاً، وللذة سؤالاً لا ينكفئ، ولا ينطفئ، هي هكذا دبي اليوم في «إكسبو 2020»، المدار، والمسار، والجدار، والسوار، وحلم الأبدية وأبجدية التطلعات، والكلمة الأولى لحياة بشرية تقوم على البناء، ووضع المنمنمات على كعب، وكتف، وخصر.
اليوم عندما تزور «إكسبو»، وترى الملايين من البشر الذين يؤمون هذه البؤرة المضيئة في عالم يحتاج إلى الضوء لطرد دخان الكراهية، عالم يحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى، إلى دبي، وإلى مصابيحها العمرانية التي اخترقت ظلام العالم كي تجعله مسفراً، وضاءً، يختزل كل عصور الدمار في بقعة واحدة، كأنها الدر في اللجج.
«إكسبو 2020» نظرة، فابتسامة، فلقاء مع البهجة، وعناق مع الفرحة، واتساق مع الأمل، وتداخل مع الآخر من دون استئذان.
«إكسبو 2020 دبي» حلقة من حلقات الذكر في باحة الأمنيات، لعالم يسوده الحلم البهي، ويملأه الطموح إلى زمن خال من تغضنات الجبين واكفهرار المحيا.
هو خيال محلى بنقوش الوعي الواسع، والإدراك الصافي، والعقل الذي لا يثب إلا لأجل أن تصبح النجوم مصابيح لليل الناس، وأن يصير القمر قرطاً في الآذان يذكر من يستفيد من الذكرى، ويقول كفى.. كفى للكراهية، ولنبدأ بأول كلمة تضيء لنا الدرب، لنبدأ بالحب.