نقرأ الخريطة العالمية، ونرتب أفكارنا، وننضد مشاعرنا، ونطل على المرآة، فنرى وجوهنا في تلك المرآة واضحة، صريحة ومن دون خدوش، ولا تغضنات، ولا تجاعيد، لأن ما يصدر عن علاقتنا بالآخر يؤكد تلقائية حضورنا، وعفوية وجودنا في عالم أصبح بحاجة ماسة إلى أفكار نقية من الشوائب، وتطلعات بلا أفكار مسبقة، وطموحات بلا رواسب، حيث الحياة عندما تكون جدولاً ينهل من نهر الصفاء، تبدو كزهرة برية، تعانق السماء بعطر، وسبر، وتهفهف على أجنحة الفراشات بحب لا يغشي صفاءه «أنا»، ولا ذات مدلهمة هكذا هي سياسة الإمارات مع الآخر، هكذا هي مبتلة من رضاب الحب، مندمجة في الوجود بلا ضغائن، ولا أحقاد، ولا مصالح ضيقة، ولا أيديولوجيا مغلقة، ولا أحلام مغبشة.
الإمارات تسعى في علاقتها مع الجميع، في مشارق الأرض ومغاربها، إلى تطويق العالم بقلائد من حب، يجمع الكل على كلمة سواء، ويؤلف بين الأطراف، لتشكل جسداً صحيحاً معافى من درن الخلاف، والاصطفاف، وهذه هي السيرة الذاتية لدولة بناها رجل آمن بالحب طريقاً لنجاة الأمم من عذابات الفرقة والشتات والتمزق، والحروب، زايد، طيب الله ثراه، وأسكنه فسيح جناته، ألهم الجميع، ووضع لبنات السلام، على أرض السلام، وها هم أبناؤه الكرام يسيرون على خطاه، وينهلون من معينه الطيب العذب، والزيارة الميمونة التي يقوم بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة إلى تركيا، لهي المرآة الصحيحة التي تعكس سياسة الإمارات الرضية، والتي تتكئ دوماً على مبادئ وأخلاق الدول التي تجاوزت حدودها الجغرافية الضيقة، لتعانق شغاف السماء، وتصافح الآخر بيد بيضاء من غير سوء.
هذه هي الإمارات تمشي الهوينى على دروب الحقيقة، وتمنح العقل البشري فرص التضامن من أجل عالم يهنأ بحياة سعيدة، ومن أجل شعوب تفرح بصباحات مشرقة بسلام النفس ووئام الروح، من أجل أطفال يؤمنون بأن الذهاب إلى مدارسهم لن يكون محفوفاً بخطر المباغتات المؤلمة، من أجل نساء ممتنات لأوطانهن التي وفرت لهن الأمن والطمأنينة، من أجل علاقات إنسانية ممهورة بنكران الذات، والتفاني من أجل صلاح الأوطان ونهضتها، ورقيها، وضمان مستقبلها.
هذه هي رؤية الإمارات، وهذا سر نجاحها في بناء علاقات أشبه بعلاقة الأغصان في الشجرة الواحدة.