على أرض هذا الوطن المبارك، ومنذ مراحل مبكرة من تأسيس الدولة، وضعت قيادتنا الرشيدة مستقبل الإمارات والأجيال نصب عينيها، فكان الانشغال الدائم بالمستقبل، وكل ما يتعلق به من أجل الإنسان وتأمين مستقبله ومستقبل الأجيال القادمة. ومن هذا المنطلق كانت تنطلق كل الخطط والبرامج والاستراتيجيات، بل أصبح التخطيط والاستعداد للمستقبل، أسلوباً ومنهاج عمل على مختلف المجالات والصعد والميادين. بل وتفرد الأداء الحكومي بوجود وزارة للمستقبل ضمن التشكيلات الوزارية في الدولة.
كما أن وجود متحف للمستقبل تتغير محتوياته ومعروضاته كل ستة أشهر ليواكب مستجدات العلوم والتكنولوجيا، يعبر عن طبيعة الرؤى المستقبلية والتعامل معها.
 واليوم عندما تعتمد منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) بالإجماع اليوم الوطني لدولة الإمارات، الثاني من ديسمبر يوماً عالمياً للمستقبل، فإنما يعني ذلك حجم التقدير العالمي للإمارات، والاحتفاء برؤيتها الدائمة الانخراط في استشراف المستقبل.
هو احتفاء وتقدير لرؤية استشرافية متقدة، نقلت مجتمع الإمارات هذه النقلة الهائلة من تلك البدايات البسيطة إلى آفاق رحبة وبلا حدود من التقدم والتطور والرخاء والازدهار والاستقرار، تفوق في كافة المجالات اعتماداً على الإنسان الذي وصلت به ولأجله إلى المريخ وتعمل لأجل مئوية الإمارات بعد الخمسين الماضية، وفق رؤية لخصها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، عندما دعا المسؤولين للتذكر بأننا «لا نعمل من أجل عيالنا وإنما لأجل أحفادنا»، وهي ذات الرؤية التي استعدت بها الإمارات لمرحلة ما بعد النفط.
قرار «اليونسكو» إلى جانب التقدير الدولي لرؤية الإمارات واستشرافها للمستقبل يحمل في طياته دعوة مفتوحة للجميع للاستفادة من التجربة الإماراتية الملهمة، وقد صاغت نموذجاً ريادياً في التعامل مع المستقبل، ووضعت مفاتيح إسعاد الشعوب بالتزام مستمر ومتواصل لتحقيق التنمية وإرساء قيم السلام والتسامح وحسن التعايش بين البشر، ومد جسور التعاون بين الثقافات والحضارات والأديان لصالح الإنسانية جمعاء. وهو يحمل تقدير العالم بأسره للنهج الرؤيوي الإماراتي والأسلوب الاستباقي في التعامل مع أكثر القضايا تعقيداً والمتعلقة بتنمية الإنسان والمجتمع.
كما يضعنا جميعاً أمام مسؤوليات كبيرة في الحفاظ على هذه الصورة الزاهية أمام العالم، وفي الوقت نفسه تطوير التجربة وهي تتفاعل دائماً مع التطورات والمستجدات. ولذلك سنظل في«سباق مع العالم إلى يوم الدين» كما قال أبو خالد. ودامت الإمارات منارة ووطناً للمستقبل الزاهر لخير الإنسان أينما كان.