منذ التطور الذي حدث في الدماغ البشري وأصبح الإنسان يتآنس مع الأشكال المختلفة للطبيعة، منذ ذلك التطور، أصبح المكان الذي يوفر الحماية للجسد من الوحوش ومن البرد والحر والجوع والخوف، هو الوطن الذي يأوي إليه ويشعر فيه بالأمان.
ومع استمرار تطور الإنسان، اتسع المكان وأوجدت أمكنة تسكنها جماعات صغيرة تمددت وكبرت إلى أن أصبحت شعوباً تسكن قارات شاسعة على الكرة الأرضية، مشكلة أوطاناً عديدة، صارت هي المصير والماضي والحاضر والمستقبل، فيها تتحقق الأحلام، وفيها العيش والعشق، الحب والفرح، والانتصار على الصعاب وعلى العسر، فيها يمتد البصر إلى الآفاق البعيدة.
وعلى خريطة الكرة الأرضية، يشع وطننا دولة الإمارات العربية المتحدة، وطننا الذي يخط سنته الخمسين بحروف من ذهب على مساحة أرضه، وكتب قصة إعجازية ذهبت بنا بعيداً نحو المجد.
فمنذ القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي قدم للعالم صوراً زاهية في معنى المحبة التي زين بها وجه الوطن بصحاريه وبحاره وجباله ومدنه، وألف بين القلوب، منذ عهده المجيد مازالت دولة الإمارات العربية المتحدة، تلمع بطموحاته ورؤاه، فها هي بعد خمسين عاماً مازالت متوحدة وقوية، متوحدة بإيمان قيادة وشعب، إيمان لا ينزاح ولا يقبل على الإطلاق إلا أن يكون عضداً بعضد وقلباً بقلب، روحاً بروح.
هكذا آمن شعب الإمارات بالقائد زايد، ومضى معه في بناء الحاضر وكتابة المستقبل بقوة وحب وصدق، فها نحن اليوم في عمر الخمسين للوطن. خمسون عاماً تساوي في مقياس ما تحقق من معجزات الإمارات المئات من السنين.
يومك أيها الوطن هو شرفنا وعزتنا وكرامتنا ومجدنا وقلوبنا المتسامحة المليئة بالحب.
يوم وطني يحق لكل من فيه ومن عرفه وأحبه أن يبتهج لدولة تلبس إكليلها الذهبي وهي تجمع مختلف الأديان والأعراق واللغات في محيط الأمان والسلام، دولة تقدم المحبة لمن تملأهم مشاعر صادقة تجاه الأرض وإنسانها الذي لا يكف بدوره أن يكون صديقاً يمد يده للأصدقاء بلا ضغينة.
خمسون عاماً مضت، والوطن يعد لخمسينه القادمة، خمسون عاماً قدم فيها أبناء الوطن قيادة وشعباً، زهرة شبابهم وخبرة رشدهم، من أجل تسليم الراية للأجيال القادمة، الذين ها هم بدورهم سيقدمون كل جمالهم للأجيال التي تليهم، حيث سنمضي ويبقى الوطن لإنسانه على مدار الأزمان.