عندما يصافحك التاريخ بذروة الإنجاز، لذاتك أو وطنك، تشعر أنك خرجت من الشرنقة إلى العالم، وكسرت قشرة جوز الهند، وانبعثت في الواقع، لمظلة اللذة التي حوطتك بمذاقها ومزاجها الرائق.
عندما تتأمل اللوحة التشكيلية لوطنك، يطوقك الزمن بحالة من الانتشاء وتبدو كأسك مملوءة بالحياة، وسكر الرشفات عند الشفتين، عند الخافقين، عند النياط وما بعدها عند الشغاف.
ها نحن اليوم وبلادنا تنتمي إلى الوجود مزملة بأزهى، وأزهى ما تمتلكه الأوطان من منجزات مذهلة، ومشاريع ترتعش لها الأبدان، فرحاً، وترمش لها الجفون فخراً.
اليوم، وفي هذا الصباح امتلأت شوارع مدينة أبوظبي بالسيارات، وهي تعبر المحيط الرائق في جوف المدينة، متجهة إلى أرض المعارض السامق على شارع الخليج العربي.
كل هذا الحشد متجه إلى هذا المكان لحضور معرض، ومؤتمر أبوظبي الدولي للبترول «أديبك» وهو المعرض الذي تستضيفه شركة بترول أبوظبي الوطنية «أدنوك». وتحت رعاية صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله».
وتشهد الدولة هذه الأيام المعرض الكوني، إكسبو على أرض دبي، وكذلك فتحت شارقة الثقافة معرض الكتاب الدولي، والذي استقبل 1.7 مليون زائر، نهلوا من معينه، وغرفوا من نبعه، ورشفوا من رضابه.
هذه نواهل الإمارات، وهذه نبوعها، والدلاء لا تكف عن العزف على أوتار النغمات الأصيلة، هنا تشعر وكأنك تعيش في خمائل زرعها يبث خضرته للعالم أجمع، وأغصانها تتفرع بحيث تعانق الوجود، والأشجار باسقة إلى حد الدلال، والجداول مترعة إلى درجة الفضيلة، والسحابات تمضي في النث، وكأن السماء أينعت تسامياً لتهدي الإمارات فضيلة التفوق، والتألق، والانثيال في العالم كأنها الموجة تسطر للتاريخ المعنى في الحضور، والمغزى في التأثير، والصدق في بث الحب في الصدور، والإيمان بأنه لا حياة من دون هذا الخيط الموصل ما بين الذات والآخر.
هذه هي الإمارات، هذه بوتقة الحلم، وشرنقة الأمل، هذه هي اللوتس التي ينبثق من بتلاتها عطر الجمال، وسحر التواصل، وفكرة الاندماج، من دون شروط، ولا فواصل.
هذه هي الإمارات، أسرجت خيول المعرفة، فتشعشع الوعي، برقاً، وبريقاً، وانبرت الأرض تنحت في الحنايا، قنوات الزرع، والضرع، لكي يهنأ العالم، وتسكن فظاظته، وتترعرع رواية الحب فيضاً بالتسامح، والاندماج في الوجود، كخيط الحرير.