في العام الجديد قررت التركيز على الإيجابية في كل شيء، وأن تكون الحياة أقل مادية، وأن أتخلص من جميع ما لدي في الغرفة، فلا يكون فيها سوى ثلاث قطع من الأثاث، السرير لغاية النوم 5 ساعات يومياً، «التسريحة» التي أضع عليها العطر و«الدخون»، وكرسي أجلس عليه عندما أقرأ الكتب التي قرأت أنصافها، ووعدت كُتّابها من الأصدقاء بإبداء الرأي بها قبل نهاية العام، ملابسي منها ما هو معلق على «المشجب»، ومنها ما هو في زاوية نصف مظلمة فهي في طريقها إلى «الهلال الأحمر». 
وبين كل هذه «الخراوشين» وجدت رسالة قديمة بخط يدي بها سطر واحد فقط «كل عام وما في قلبك لي عامرٌ بما أتمنى»، وفي الرسالة نفسها سطرٌ كُتِبَ بخطٍ يكاد يكون شفافاً «لا تقلقي يا عائشة.. قلبي دائماً عامر بالحب لك»، تركت كل شيء في حياتي في تلك اللحظة، وأصبحت هذه السطور محور ساعات اليوم، فقلت في خاطري من الأفضل أن أشغل بالي بشيءٍ مهم ركبت سيارتي، وقررت الهروب إلى الجمعية وفي السيارة فتحت الراديو، فإذا بالفنانة الكويتية نوال تصدح بصوتها المبحوح والمحمل بالشوق والحنين والوجد والمحبة والشجون تغني «حسبت أشواقنا غابت.. وأتاري الشوق تو ما فاق..وأتاري بقلبي الساهي.. حنينٍ لك بعد باقي..أنا ما كنت أحسب أن ال.. قلوب الساهية تشتاق..ولا كنت أحسبك في يوم.. تجي وتحرّك أشواقي»، فقلت هذه ليست مصادفة بل عليَّ أن أبحث عن ذلك الحب، وتلك المشاعر التي أنساني إياها العمل والسفر والتجاهل، وأن أسأل نفسي لماذا نعتبر الحب ومشاعره ضرباً من ضروب الماضي؟ فنتعامل معه وكأنه «شخطة ملبق» أي عود كبريت يشتعل مرة واحدة فقط.
عدت إلى المنزل بعد زيارة للجمعية اشتريت فيها جميع الخضراوات والفواكه العضوية والمعلبات الخالية من المواد الحافظة والبقوليات التي تساعد على الحفاظ على حمية الشرق الأوسط. في المنزل وجدت المساعدة المنزلية، وقد وضعت شنطة حمراء اللون في غرفة النوم وقالت: «هذي شنطة كلة رسالة قديمة..انتي تبغي والا أنا ودي زبالة» تبادلنا النظرات المتوجسة، ثم ذهبت لتفرغ المشتريات وأنا أنبش في «الشنطة» الحمراء. لقد وجدت كنزاً من المشاعر والصور والرسائل التي خلطت مشاعري بين ضحك وبكاء وقبول ونكران. فقالت المساعدة المنزلية عندما رأتني في تلك الحالة: «تبغين كلينكس أو أي شيء..أقول حق أختي مالك تعالي» فقلت لها: «بارك الله فيك وتصبحين على خير».
للعارفين أقول: لشهرٍ كاملٍ وأنا أقرأ رسائل «الشنطة» الحمراء وأحلل الكلمات، وبالأمس وصلتني رسالة نصية تقول «حبك عبدالله فوق المظلة»، فضحكت وأنا ما زلت أنتظر مفاجآت العام الجديد برسائل نصية لا مادية، ولا خوف من المستحيل.