بصراحة.. في علامات تجارية إنجليزية لا يمكن إلا أن تثق بها على الدوام، ويوم تنوي تشتري، لا تشتري غيرها، تراك أنت الربحان ولا بتخسر، علامات محال بقيت تبيع دون توقف منذ عام 1881، من تلك المحال التي ما إن تهم بدخول بابها الخشبي الهرم حتى تجد سنة التأسيس ممهورة بقوة أعلى ذلك الباب الذي بقي يكدّ على تلك الأسرة من جدها السابع عشر حتى حفيدها الذي يشجع الأرسنال الآن بتعصب، بعضها ربما بدأ باستيراد الشاي السيلاني والقطن المصري، والآن استقل وتخصص الكثير منها، وظل منذ مدة طويلة، وبعد انقضاء الحرب العالمية الأولى مباشرة، يبيع بس «هدوب»، وبعضها تخصص في النشوق، وبعضها الآخر في بيع «ماي الغريب» فقط، وإلى الآن تربح وتكسب وتجد زبونها المخلص لها.
بصراحة.. ما شيء مثل تلك العلامات التجارية الإنجليزية القديمة التي تعطيك تلك الثقة الغائبة عن السوق الآن، مثل علامة الأسدين الملكيين المتقابلين، ولونهما ذهبي طبعاً أو تلك العلامات التي تحمل أحرفاً إنجليزية قديمة مطبوعة، تقول خط شكسبير، وإلا علامة القبطان البحري، بقبعته ولحيته وكل عافية البحر فيه، سواء على فانيلة «كبتن» أو عطر ما بعد الحلاقة «اولد سبيس» مع تلك السفينة الشراعية المبحرة إلى بلدان لا تغيب الشمس عنها، وإن بغيت صابون عن «الحرارة» ما بتلقى مثل الصابونة الحمرا «لايف بوي»، تلقى رائحتها تهب عليك من مسيرة يوم، ويوم كنا ندرس في لندن كنا نعرف إذا ما كانت المُدرسة الإنجليزية متسبحة اليوم، وإلا لا، لأن رائحة صابون «ياردلي» بالورد الإنجليزي تظل تتبعها ذاك النهار بطوله.
وإن بغيت ذلك الصوف الأصلي الذي لا تغادر رائحة النسيج أنفك، تقول رابط ياعدة في الحوي، ترى ما في مثل الصوف الإنجليزي الذي تظل تحك أرنبة أنفك ما إن تفتح ذلك الكاتلوج المعد بعناية فائقة، لا يفهمها إلا ذلك «الترزي» العجوز والذي شاخ في حانوته لوحده أو ذلك التاجر الطيب المتخصص فيه، والذي ينتقيه، وكأنه ينتقي لعياله عن البرد، ولمحلاته «كليو بترا» في شارع حمدان.
طيب.. تتذكرون «الفيليت أبو بمب» كان يخطف على الزواحف والحشرات الطائرة، وكل دابة وهامة، ويبيدها عن بكرة أبيها، وخلّ أي صرصور إذا كان يقدر يظهرّ رأسه، ويرجع سليماً إلى مخبأه، هذاك كان الفَتّاك، مب «مضارب البخاخ» التي تباع الآن، إلا بنكهة الفانيلا، ونكهة الخوخ والتوت البري، تلقى الصرصور يستحم من البالوعة، ويخرج يتعطر من ذلك البخاخ، ويرجع يستلقي، ويقضي قيلولته، وإذا كان ناوياً على شر ذلك الظهر، قضاه مسترخياً.
بصراحة.. ماتوا الذين كانوا يصنعون تلك الأشياء بصدق، الحين تشتري فانيلة أونّها من النوع الغالي، وماركة، وتدخل في الخاتم، وعقب لبستين وغسلة واحدة، تصبح تقول فانيلة طَلاّب، فتتذكر تلك الفانيلة الإنجليزية «أم كبتن»، و«الهاف الدبل» كم عاشت تلك الأشياء حتى عِفّناها، الحين إذا تروم اشتر، وأنتم بكرامة «جوتي» إنجليزي أصلي، وشوف كم بيعيش، بيعَوّفك حياتك، ولا بيقدم، ولا بيتسحّت، ولا بينقطع له خيط، ويمكن يتحول بروحه من اللون البني إلى الرصاصي القاتم بحكم مدة الاستعمال، فقط، انزين.. تقول بعد هذا كله يمكن لأحد أن يسرقه ذاك «الجوتي»، والله لو بتّ وصبّحت تصلي، وما خليت مسجد ما دخلته، ليتم في حِجّالك! شغل إنجليزي أصلي «ولايتي»، مب لعب!