في كل الميادين، وفي كل الصعد، نجدها نورساً يحلق في الفضاءات، ويرسم صورة الأبيض الناصع على لوحة السماء الصافية، نجدها شجرة وارفة، الظلال، وعلى أرضها تحط طيور اللهفة، رانية إلى حدقات أوسع من المحيط.
في الثقافة تبدو الإمارات اليوم الجواد الأسبق في وثوبه، وفي حثه نحو آفاق مزدهرة بالكلمة، نحو بحار زاخرة باللغة، نحو نجود ترتفع على رملها أزهار البديع من الثقافة، نحو قارات تسنو بأقمار لا تغبشها غيمة الضحالة، نحو رقية ثقافية تمنع الأذى عن عقول، وفصول، وأصول.
هذه الإمارات يشهد لها البعيد، والقريب على حد سواء، بأنها الشمعة التي أضاءت وعي العالم حول أهمية أن نكون معاً في قلب المعمعة الإنسانية، وبثقافة صافية، متعافية من درن الدونية ومن شعوذات الأنا المتورمة.
الإمارات في ضوء ذلك تقود العالم نحو مستقبل سجادته من مخمل التداخل في معطف الحميمية، والتوالي في درب الشفافية، والتآخي في حضن المصداقية، والذهاب نحو الأمل بأجنحة تجمع الجهات الأربع من دون حدود للتضاريس، ومن دون سدود تمنع وصول الأنهار إلى الجميع.
الإمارات اليوم تقود المرحلة، بعقلية الانفتاح على الآخر، وبروحية التناغم بين شعوب العالم، وبنفسية الانسجام ضمن قارب واحد يحمل الجميع إلى ذرى الأحلام الزاهية، وبقلوب لا تعرف التصنيف، أو التحريف، أو التجريف، أو التخريف، باعتناق فكرة ابن رشد «كل الأفكار صحيحة إلى عمل الإنسان بفضائلها».
الإمارات لا تقبل أنصاف الحلول، بل هي بالحلول كاملة تحيك قميص الحقائق، وتضع الأزرار من ذهب العقيدة الدينية الصحيحة، وتقول للعالم هأنذا أمضي نحو النجمة الطالعة في السماء، وهي البوصلة، هي المحصلة لعقل يفهم كيف تسير القافلة، وكيف تمضي الأحلام، عندما تكون الحقائق ناصعة كأنها خيوط الشمس، كأنها أهداب نجلاء، بعينين حور، دواعج.
هذه الإمارات في عيون العالم الشعلة التي أضاءت، والشراع الذي عبر، والجذر الذي سمق، والبيان الذي لمع، والبنان الذي لامس العمق، والبنيان الذي شيد الدفء، والصورة التي عبرت عن أصل الصحراء عندما تتجلى بقريحة أصحابها، والمثال الذي حذا حذوه كل من لديه بصيرة، وكل من استفاد من العبرة.
هذه الإمارات، في ثقافتها شعر ناهز الدهر في امتداده، ورواية طالت عنان السماء، ومشاعر مدت خيامها عند ربوع، ونجود، حتى أصبحت الدولة قارة في ضمير عشاقها، ومحبي الثقافة بلا نتوءات.