في حينها شكلت المدرسة السوداوية إشارة مهمة في عالم الأدب والثقافة عامة، كانت مدرسة أدب شمولية لكل منتسب للإبداعات التي تتميز بحالات المعاناة وأخذت مآخذ الحقيقة المريرة، وانعكاساتها على الكتابات الإبداعية، فهي تعكس مثلاً الضجيج الداخلي والنفسي الذي عبر عنه المبدع فرانس كافاكا، حين حملته المدرسة السوداوية إلى عالمها، حينها أوصى صديقه الحميم أن يحرق كل كتاباته، ولا ينشرها، إلا أنها انتشرت بشكل واسع، ولم تندثر، وبهذه الخصوصية تبقى المكونات الإبداعية تحترق كآبة وتعتصر بالشقاء من أجل أن تفوح عطرا، وقع التماهي ما بين النفس الحائرة والممتلئة بالغموض والتنبه لعظمة السواد وخاصية البوح بالألم كتابيا، وإفرازات لا يمكن أن يعيدها المبدع إلى حيث كانت في مكونه، وهنا هو جوهر الإبداع أن تكتب ما لم تسطع قوله، كما ذكر من قبل كتاب وأدباء عالميون، بأن الكتابة تتمحور على ما لم ترد قوله وتتستر تحت غطاء السوداوية أحيانا، كتابات مؤلمة وكئيبة شكلت فسيفساء الإبداع على مر العصور.
هذه الكتابات شكلت وعيا مهما كونها تحدثت عن واقعها المتجسد بالمأساة  في نفس الكاتب والخيط المشترك بينه والمتلقي، ومن هنا يتبادر إلى الأذهان ما تبقى من هذه المدارس العظيمة، حيث بدأت تنتهي وتندثر نوعا ما كون الوقع الإنساني أكثر شراسة ربما،  فصار العالم بأسره يشعر بالآلام ولا ينتظر للكاتب أن يبوح بمأساته النفسية.
تجاوزت الكتابات الأدبية المأزق السوداوي ومنظومته، وصارت هناك لغة مشتركة وقاسما ما بين القارئ المفكر المطلع والكتاب المتميز بعمق وبسحر الكتابة الإبداعية، وجوهرها في خلق رؤية شاملة للأحداث تسحر الألباب، فمن منطلق السوداوية وفلسفتها القديمة، امتدت جسور زمنية وفكرية، وتماهت الثقافة بدافع التعبير الحر عن القضايا المجتمعية.
كلما سادت الحياة الجماليات والحضارة وتنفست البشرية الصعداء، كلما رسم الإبداع وجودها الجميل، وكأن كل زمن ينطق بحرفية أفكاراً منفردة عن الأزمان السابقة، وكل عصر يكتب رواياته وقصصه، ويترك لها الأثر الأكبر، لتبقى تسترسل ما بين الأزمان، ما بين القادم منها، الأجمل الذي لم ير النور، إلا حين يزهو في أنفاس الحياة، وكأنها تزهو وتعبر بحور الزمن، لتتفجر من بركانها المليء بالصخور المضيئة، فهذا وعد الحياة في سطورها، وهكذا وعدت المدارس الإبداعية في انتمائها المتأصل لتقدم للبشرية ما لم ير أو يحضر في نسيج الحياة، وذاكرتها، بل الإبداع بمثابة حبلها السري، مهما سجلت غيابها تحضر في جوهرها وتنتمي لمصداقيته العمل الحر. تستقصي مالا يراه الآخرون.