وشهد شاهد من أهلها. وجاءت النبرة من دلو النبوع العذبة، فجادت، وأجزلت، واسترسلت، وسالت شهداً وسلاماً، ومنحت الرونق الجميل شهادة لها أثر السحابات الممطرة، وعطر الأريج في ثنيات الثوب الحريري، وصدح البلابل في الخمائل، وبوح النسيم في بساتين الرياض المزهرة.
في هذا العالم تبدو أبوظبي اليوم ريانة بالكلمة النابضة جمالاً، والصورة اللامعة كمالاً، والمشهد ببروق الناصعات يكرع من عذب النوايا، ومزايا النخب، ويشير متحف اللوفر إلى ذاك الأثر القويم، ومنارة السعديات ترفد وجدان الثقافة بزفات من توالي الفكر، ونشاط العمل الثقافي، ومعارض الكتب تعرض باقاتها، وأزاهيرها، وعشب العقول، ليصبح الكتاب خير جليس في منازل الكرماء، ويصير الشعر جناح الطير محلقاً في أفق العشاق، والرواية ملاحم بوح الإنسان عندما يكون الوطن نقطة الالتقاء ما بين نهر وبحر، وبين نحر وصدر، وبين شعر ونثر، وبين ثغر له في الشغاف حكاية، وله في معايير العشق بداية ليس لها نهاية، وله في بوح الجاثيات على رقعة الزمان قصص بعضها مروية، وأخرى مشتهاة، في ضمير القابضين على جمرة اللظى.
هذه أبوظبي اليوم تسير في غضون المشاعر محملة بأعطاف لا تكل عن العطاء ولا تمل عن تلوين الحياة بلون السماوات الصافية، والرئيس المعني بحمل الأمانة يقف مبتهلاً إلى العلي القدير أن يلهمه جواد الفراسة، لكي يضع بلادنا دوماً في سندس الجمال، وإستبرق الكمال، وتكون الثقافة هي المنقلة التي ترينا حرير الحياة، وهي الرمش الذي يحفظ ودنا مع البصر.
هذه إمارات الخير مدنفة بالإبداع، متيمة بحسن الوجنات في محيا ثقافة لا تلين لمحبط، ولا تستكين لعرقلة، بل تتجاوز حدود المكان، وتثب على صهوة الزمان، بإرادة المخلصين، وعزيمة العاشقين، ونخوة الباذلين، وشيمة المتيمين بلغة الضاد، وأبجدية - اقرأ.
هذه الإمارات اليوم تحمل على عاتقها مسؤولية النهوض بثقافة لا تشوبها شائبة اصطفاف، ولا تعرقلها عقبة انحراف.
إنها ثقافة قائد الأحلام الزاهية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة وحامي حمى الثقافة، وراعي حياضها، ورياضها، وجذرها، وغصنها.
هذه الإمارات اليوم تتأبط أمنيات نخبها الثقافية وتمضي في طريق التنوير مؤمنة بأن الحقيقة تكمن في كتاب لا يمسه إلا الأصفياء، ولا ينتجه إلا من له بتراب الوطن علاقة الأغصان بالشجرة.