عندما يفرش الأخضر أوراقه الجميلة على البساط الذهبي، الرمل الذي يشبه لون الزعفران، ويمتد بعيداً راسماً لوحة في غاية الإبداع والجمال، رمال الإمارات الذهبية الزاهية، والتي لا تظهر إلا في بعض المناطق، ثم تكون تلالاً صغيرة ومنحدرات جميلة، تحف بها بعض الشجيرات أو بعض «أعواد» أشجار الغاف أو «الخصيب» النابت بخضرة جديدة، وعندما تزين تلك اللوحة بعض الجمال والإبل التي تسير الهوينى متنقلة بين الحشائش وأشجار «الثمام» والأرطاء، وربما بعض أشجار «الهرم»، مناظر بديعة تحتويها بعض المناطق الداخلية الصحراوية أو السهول وسفوح الوديان والجبال، ولعلّ المنطقة الوسطى «الذيد»، وما شابهها من أراض مثال جميل للتوزع النباتي الصحراوي والعشبي الفريد، إن حضرت مساءً هناك فالمناظر الجميلة والتلال الرملية/ الزعفرانية/ الذهبية سوف تجبرك على أن تتوقف وتنيخ وسيلة نقلك على تلة مرتفعة وتسعد بالتشكيل الرباني الجميل، لا أحد يتجاوز الرمل الذهبي عندما تطل اللوحة البديعة وعلى الخصوص واحة الذيد التي تظهر قمم النخيل بديعة الاخضرار من خلف التلال الجميلة والغطاء العشبي الذي يتوزع مثل تيجان وأعشاب ناعمة على رؤوس الرمال، خاصة سيقان «الثمام» التي تصعد عالياً حاملة سنابل ذهبية وكأنها القمح أو الحنطة أو الشعير.
اندماج الصور بين التوزيع النباتي الصحراوي والنباتات المشابهة لها في العطايا والخير، أراض جميلة وعجيبة وهبها الله لبلدنا العزيز، من بعد أن تفارق المدينة وشوارعها وتأتي بداية منطقة الذيد، وأيضاً هذا المشهد يتوزع في مناطق أخرى من أرض الإمارات، ولكن  هذه المساحة خير ما يمثل نموذج جمال الصحراء وطبيعة بلدنا وتضاريس الغطاء العشبي والنباتي، وبصورة زاهية وجميلة.. كم استوقفتني شجرة الأشخر بجمال أوراقها وجمال خضرتها وارتفاعها، وتلك الثمار البديعة الجميلة، وتوزعها بين الكثبان والرمال، وروعة تفاعلها مع النسمات الجميلة صيفاً وشتاءً، ثم اهتزازها مع الريح وكأنها «تزامن» عاشق/ بدوي من أولئك الشباب «الذين تشلهم.. هبة الريح/ ريح العشق لكل جميل و«مزيون»! أرض بنيت على العشق والحب والجمال ولا يصدر من ناسها كباراً وصغاراً غير الحب والجمال والعطاء والخير، كذلك أرضها واهبة الحب والجمال أيضاً.. حتى أشجار الحنظل عجيبة الاخضرار زاهية الثمار، كنت أخالها أشجار «جح» أخضر الثمار وبحبات كبيرة نوعاً ما، وأوراق «جح»، تماماً خضراء يانعة جميلة. منطقة يتوفر فيها المطر شتاءً أو يكثر الضباب وتزداد الرطوبة وقطرات ما يتجمع من ماء على أغصان أشجار الغاف والثمام والسبط وبعض الأشجار الناهضة عالياً عن الأرض، فتتوفر الرطوبة والماء.
ولعلّ ملحمة الشاعر الكبير ابن ظاهر الذي يصف في قصيدة قديمة أرض وطبيعة الإمارات، وكيف أن الأمطار والسيول والوديان في عهود غابرة اجتاحت وغطت وطمرت أراضي كثيرة وأغرقتها بالمياه والسيول من الساحل والعين إلى أن وصل الماء ليتدفق في شواطئ أم القيوين والساحل الشرقي، ثم انقطع وهجر أو عساه عاد يوماً ولم يجد من يعيد ذكره، كما فعل شاعرنا الكبير ابن ظاهر.
الإمارات أرض خير وحياة وجمال تحضر مع الخيرين والمعمر في الأرض، سعداء أولئك الأصدقاء الذين تحيط بهم غابات النخيل وسعفها الأخضر البديع، منذ عرفتهم لم يفارقوا كف الذيد الأخضر الجميل كف الليون والنخيل والرطب.
ثلاث حالات لن يعرفها غير عاشق النخلة.. أول بشرى رطب من نخلته الخاصة، أول مخرافة رطب، أول بسرة من حبيبته/ نخلته، ورفّات طائر الخضير فوق جريد النخيل، ونشيد حمام الراعبي في ظلال النخيل.