بات «قضاة الملاعب» من الحكام المصريين في موقف لا يحسدون عليه، نتيجة الحملة الضارية التي يتعرضون لها، وأضحى «القضاة» متهمين بالانحياز وعدم الحرص على تطبيق العدالة بين الجميع، ولم يسلم أي منهم من حملات الآلة الإعلامية الأهلاوية أو الزملكاوية، بينما تتهمهم جماهير الأندية الأخرى بالانحياز للقطبين الكبيرين تأثراً بالزخم الإعلامي والجماهيري لكل من الأهلي والزمالك.
وبدلاً من توفير الحماية الكاملة للحكام في مواجهة تلك الحملات، قرر اتحاد الكرة الاستعانة بالخبير التحكيمي الإنجليزي مارك كلاتنبيرج، الذي سبق أن خاض نفس التجربة في اليابان والسعودية.
وكالعادة قوبل ذلك الاقتراح باعتراض من أسرة التحكيم المصرية، وعلى رأسها عصام عبد الفتاح رئيس لجنة الحكام الذي فاجأ الجميع بتأكيده على أن لا أحد أستأنس برأيه في ذلك الاقتراح، وأنه آخر من يعلم بتوجهات اتحاد الكرة.
وشخصياً أرى أن ذلك التوجه لن يصلح ما أفسده الدهر حتى لو استعان اتحاد الكرة بالإيطالي كولينا، لأن المشكلة أعمق بكثير مما يتصوره البعض، وأستطيع أن أوجزها في النقاط التالية:
أولاً: أخطر ما يواجه التحكيم المصري تلك الحالة من الانقسام بين أعضاء أسرة التحكيم، فالكل ليس على قلب رجل واحد.
ثانياً: لا يحظى الحكام بالحماية الكافية من اتحاد الكرة، ولن ينصلح هذا الحال إلا إذا كان الاتحاد أقوى من الأهلي والزمالك.
ثالثاً: الدور السلبي الذي تلعبه استوديوهات التحليل التحكيمي، حيث التناقض والاختلاف في تحليل وتفسير الحالات التحكيمية، مما يهز صورة الحكام ويقلل كثيراً من الثقة في قراراتهم.
رابعاً: عدم تمتع بعض الحكام بالثقافة التي تعينهم على التعامل مع الإعلام، ولا أدل على ذلك ما حدث مع الحكم محمد عادل الذي أدار مباراة القمة قبل الأخيرة بين الأهلي والزمالك والتي فاز فيها الأهلي 5 - 3، وأشاد الجميع وقتئذ بكفاءته في إدارة المباراة، لكنه ارتكب خطأ فادحاً بعد يومين من تلك المباراة عندما أدلى بتصريحات إعلامية ذكر خلالها أنه حرص خلال المباراة على تطبيق سياسة «الاحتواء» لاستيعاب توتر لاعبي الزمالك بعد الهدف الخامس، وكانت تلك التصريحات الغريبة وراء الاستعانة بالطاقم الإسباني لإدارة مباراة القمة الأخيرة، والتي انتهت بالتعادل 2 - 2، ولا أتصور أن اتحاد الكرة سيسعى لإسناد مهمة مباراة القمة لحكم مصري لعدة مواسم مقبلة، كل ذلك بسبب كلمة!