العنوان ليس باسم مشروع جديد من المشاريع التي انتشرت مؤخراً كالفطر، ولكنه حديث عن بعضها ممن تئن من وطأة الفشل جراء التسرع والتقليد وعدم دراسة الجدوى واختيار الموقع الصحيح للمشروع.
أتنقل بين منطقتين في العاصمة تعجان بالمقاهي و«الكوفي شوب» لدرجة يخيل للمرء أن كل سكان المدينة لديهم شغف بالقهوة وإدمانها وثقافة الجلوس في المقهى والتردد عليه أسوة بباريس وروما وفيينا وغيرها من التي تتكدس فيها المقاهي. مع فارق الكثافة السكانية وتجذر الأمر عندهم، نجد أن غالبية المقاهي المتراصة عندنا في مناطق محددة تعاني بصمت، تشفق معها على النادل الذي يقف خارجها ملوحاً للمارة وسائقي المركبات بقائمته أو «الآيباد» عن بُعد، وسرعان ما تعبر المعاناة عن نفسها بصورة صارخة عندما تمر بعد فترة وتجد أحدها قد أغلق أبوابه لعدم قدرة صاحبه على تحمل المزيد من الخسائر.
للأسف، الكثير من شباب تلك المشاريع يبالغون ليس في ديكورات محالهم وحسب، وإنما في أسعار خدماتهم، تجد فنجان القهوة عندهم ضعفي مثيله في محل آخر يتبع سلسلة عالمية من المقاهي، وكذلك أسعار قطع الكيك مثلاً، حيث يمكن أن تكلف جلسة لتناول القهوة مع صديق وقطعتي كيك زهاء مئتي درهم من دون مبالغة. لذلك تجد أن مثل هذه الأماكن أصبحت من أماكن «زيارة المرة الواحدة» على طريقة مستشفيات جراحة اليوم الواحد من يزورها لا يعود لها ثانية.
قبل أيام وفي طلبية «مناقيش» من أحد المشاريع إياها، فوجئ طالبها بأحجامها «الميني جداً جداً جداً» لدرجة تستعيد معها عبارة شهيرة من مسرحية لعادل أمام بأنه طلب «عيش يأكله لا ليقسم عليه»، وكل قطعة من ذلك «الميني جداً جداً جداً» بدرهمين، ثم يتساءل صاحب المشروع عن سر فرار الزبائن!!
 تمنيت من أصحاب مثل هذه المشاريع الباذخة الديكور والأسعار المبالغ فيها وتعاني هجران الزبائن والخسائر من جراء ذلك أن يتأملوا ملاك المحال الصغيرة لبيع «الكرك» هذا المشروب السحري الذي يستأثر بإقبال زبائنه الذين يقفون بالطوابير أمام أكشاكه، وسعره الكوب لا يتجاوز الدرهم، أو الدرهم والنصف مؤخراً. لا أحد يطالب «ربعنا» بجعل «اللاتيه» أو «الكوباتشينو» و«الاسبريسو» بدرهم، ولكن الواقعية عند تحديد هامش الربح المتوقع، وقديما قالوا «بيع بأقل تبيع أكثر»، ودعواتنا بالتوفيق لكل مجتهد.