لو أن بيننا من قال: إن «الأبيض» الإماراتي سيكون معنياً بكأس العالم القادمة بقطر، لوصف بالهبل والجنون، ولانفض من حوله الناس ضاحكين بل وساخرين، ومنهم من سيسأل بمنتهى الاستنكار لا الاستفهام، وما شأن «الأبيض» بمونديال لم يتأهل إليه، وهو من أهدر فرصة اللحاق بركب المتأهلين، عندما سقط في الملحق الآسيوي أمام أستراليا؟
بالقطع لن يكون «الأبيض» خلال شهر نوفمبر القادم بقطر في خط الانطلاق الذي يتواجد فيه 32 منتخباً من مختلف قارات العالم، إلا أن ما سيدور في محيط وهوامش كأس العالم، وما سيطفو على سطح المباريات من منظومات واستراتيجيات وأساليب لعب وتدبير، يجب أن يكون مشاهداً ومرصوداً ومحصياً من كل المنتخبات العالمية، بخاصة تلك التي لم تجد لها مقعداً في النهائيات، فكأس العالم تعطينا في العادة كشافات للمستقبل، إرهاصات للميلادات الجديدة، إشارات لما ستكون عليه كرة القدم غداً بالتحديد، و«الأبيض» يهمه أن يعرف كيف سيكون المستقبل ليبدأ في الاشتغال من اليوم، وأكثر شيء يجب أن يعرفه، هو المستوى الذي بلغته كرة القدم.. المستوى العالي.
لو أحصينا الأعطاب والنواقص التي نسفت حلم وصول «الأبيض» لكأس العالم 2022، وهو من بلغ المراحل التصفوية الحاسمة، لوجدناها مرتبطة بهشاشة أرضية الاشتغال وبعدم الاستقرار على منهج واحد في العمل والتقويم، ما يعني أن العنصر الأهم في معادلة النجاح الذي هو الرصيد البشري متوفر، ويكفي أن نعقد مقارنة بين الفريق الذي لعب أول مباراة إقصائية لكأس العالم الحالية والفريق الذي قابل أستراليا في اللقاء التصفوي الأخير لوجدنا بوناً شاسعاً، يقول بأن تغيير المدربين لا يجلب أي منفعة من أي جنس.
لماذا يهم المونديال الحالي «الأبيض» الإماراتي؟
ببساطة لأنه جسر العبور للمونديال الذي يليه، لأنه المدخل الحقيقي لمسار البحث عن التواجد الثاني من نوعه في كأس العالم، لأنه المرآة العاكسة للمستويات الفنية التي يجب بلوغها ليكون «الأبيض» مونديالياً بعد أربع سنوات من الآن.
لو أن «الأبيض» نسف حظوظه في التأهل لمونديال قطر، بعمد أو من دون عمد، وأنه واجه في مسالك الإقصائيات الكثير من الحواجز التي تقصي وتصفي، فلا يكون هناك غير أربعة منتخبات تتأهل مباشرة ومنتخب يطارد نصف بطاقة، فإن الأمر سيختلف كلياً في المسار التصفوي لمونديال 2026، فلا مجال لاستنساخ ذات الأخطاء ولا مجال أيضاً لإضاعة الفرصة وحصة آسيا من المنتخبات الحاضرة بالمونديال ستنتقل من أربعة مقاعد ونصف المقعد إلى ثمانية مقاعد ونصف، أي بزيادة مئة بالمئة.
تحتاج الكرة الإماراتية إلى كوادر تستقرئ وتدرس وتحلل ثم تؤسس لرؤية يتوحد بداخلها الجميع، منتخباً وأندية، رؤية تكون غايتها تأهيل «الأبيض» لمونديال غاب عنه لمدة 36 سنة.