مرحلة ثقافية جديدة بدأت مع كلمة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله» التي وجهها إلى شعب الإمارات والمقيمين على أرضها، والتي حدد فيها رؤية ونهج دولة الإمارات في معظم القضايا التي تهم الجميع. وكمثقفين وشعراء، لمسنا في هذه الكلمة الحكيمة، البعد العميق لحضور الثقافة في جميع المجالات التي ذكرها سموه، بداية من تأكيد أهمية التاريخ والهوية والموروث الثقافي باعتبارها رواسخ ثابتة، حيث يتواصل العمل من خلالها على صون  المكتسبات والمنجزات وتفعيل حضورها وامتدادها بين الأجيال عبر التعليم والإعلام والمناشط الثقافية والتراثية الأخرى. وبالتالي فإن منظومة العمل الثقافي تتوحد هنا عبر مجموعة من الروابط التي تحدث عنها صاحب السمو رئيس الدولة «حفظه الله»، ومن بينها ما يلي:
أولاً: تمكين الشعب هو قمة الأولويات، ومن بينها التمكين الثقافي من خلال تقديم المزيد من الدعم للمبدعين والأدباء والفنانين، وقد قطعت الإمارات شوطاً كبيراً في ترسيخ الثقافة كمكوّن أساسي في بنية المجتمع، وسيستمر هذا الدور بوتيرة أعلى في المرحلة القادمة.
ثانياً: تتبع الإمارات نهج التعايش والاحترام المتبادل مع دول العالم، وهي المظلة الواسعة التي تتحرك وفقها المبادرات الثقافية في الداخل والخارج، حيث تتحقق هذه الرؤية أولاً عبر الثقافة وانفتاح العقل على مبدأ الحوار البنّاء الذي يرى في الآخر شريكاً في بناء المستقبل، وتمتد هذه الفلسفة إلى نبذ جميع أفكار العنف والرفض والإقصاء والكراهية، واستبدالها بقيم الخير والمحبة والرغبة الصادقة في بناء السلام الروحي والفكري بين الشعوب.
ثالثاً: سيادة وأمن الإمارات مبدأ أساسي لا يمكن التهاون فيه، ويلعب الجانب الثقافي دوراً محورياً في تحقيق هذا المبدأ من خلال صون ثقافة المجتمع وتأسيسها على مبادئ حب الوطن، والدفاع عنه، وعدم السماح للأفكار والخطابات المتطرفة أن تجد مكاناً لها بين الناس، وأيضاً تعزيز مبدأ (الوسطية) الواضح والشفاف في التعامل مع العالم، ذلك لأن الأفكار المتطرفة هي العائق الأول أمام أي تطور في العلم والثقافة والعمل.
رابعاً: جاءت كلمة صاحب السمو رئيس الدولة «حفظه الله» شاملة ومتكاملة عبر رؤية عميقة وأصيلة لا تفصل الجانب الثقافي عن الاجتماعي أو السياسي أو الاقتصادي، فكل شريان يغذي الآخر وينمّيه، وكلنا في هذا الوطن العزيز نبارك هذه الرؤية الحكيمة التي ترسم خريطةً مشرقةً للمستقبل وللتطور والتنمية والازدهار.