عندما تكون إعلامياً متغلغلاً في دروب المشهد الرياضي، راصداً لحركاته وسكناته، فإنك تكون باستمرار ملاحقاً بالسؤال، إن لم تطرحه على نفسك طرحه عليك الآخرون، ممن يعتقدون أنك تملك الجواب وأحياناً يتوهمون أنك بالمطلق تملك الحقيقة، والحقيقة التي لا يعلمها الكثيرون أننا قد نقترب كثيراً من الحقيقة، إلا أننا لا نملكها.
في هذه الأيام تحديداً، لا يتورع مغاربة ممن يتعرفون علي، في اقتحام حتى خلواتي، ليلقوا علي التحية وليرمونني بسؤال لا أعرف له جواباً، وكم ينوء الصدر بذاك الحمل الثقيل، ولكنني عمداً لا أبين.
ذاك السؤال هو: هل أراحوننا من وحيد خليلودزيتش؟ هل أقالوه؟ وإن لم يفعلوا، فمتى هم فاعلون؟
وهو سؤال لا يأتيني بصيغة الاستفهام للعلم، ولكنه يأتيني بصيغة الاستنكار الذي يفيد الرفض وعدم القبول، ولا أعتقد أنني في مساري الإعلامي الذي يمتد لأزيد من أربعة عقود، صادفت إجماعاً كما هو حاصل اليوم بين المغاربة، على ضرورة الانفصال عن وحيد، فالمغاربة يرونه بالعين التي لا تخطئ، مدرباً غير مناسب لأسود الأطلس، ورباناً لا يملك الأهلية لقيادة سفينة منتخب المغرب في بحور المونديال، ولهم الكثير مما يستندون عليه كذرائع لتبرير هذا الرفض المطلق.
لا يقاس البوسني وحيد بالنتائج التي حققها وهي بمؤشرات رقمية جيدة، ولا بتأهيله المنتخب المغربي لكأس العالم 2022 بقطر، ولكنه يوزن بعجزه عن إكساب «أسود الأطلس» شخصية فنية وهوية لعب، وبانهيار منظومته في النزالات القوية (الإقصاء من مصر في ربع نهائي كأس أمم أفريقيا، والخسارة بثلاثية من المنتخب الأميركي في مباراة ودية) وأيضاً بالجبهات التي فتحها اعتباطاً مع لاعبين نفاهم عن العرين، ومع بعض الجماهير الذين باذلهم بطريقة بذيئة السباب، وأخيراً وليس آخراً، المناوشات المجانية مع رجال الصحافة الذين أعيتهم نمطية بل وبذاءة الردود على أسئلة تؤرق بال الجماهير.
هذه هي التهم التي تلاحق بها الصحافة والجماهير المغربية وحيد خليلودزيتش، ولا ترى حكماً أعدل بالنسبة لها، غير إقالة الرجل مهما كلف ذلك اتحاد الكرة من مؤخر صداق، إن تعلق الأمر بسداد الشرط الجزائي. والحال أن فوزي لقجع رئيس اتحاد الكرة في آخر خرجاته الصحفية، ثبت كل هذه المؤاخذات، وأخبرنا بأنه كان باستمرار على خلاف حاد مع وحيد، وما صبر عليه كل هذا الوقت إلا لأن الالتزامات كانت تتلاحق بشكل سريع، ولم يكن هناك مجال لقطع الخيط، وأن الجماهير المغربية ستسعد عن قريب بقرارات تريحها.
وهل هناك من قرار يمكن أن يريح المغاربة غير تخليص منتخبهم الذاهب لكأس العالم من جبروت وحيد؟
السؤال الذي ما زال جاثماً على الصدور هو: متى يأتي القرار؟