المدرس هو الحصن وهو الحضن وهو درع الوقاية من صروف وظروف. عندما نرتفع بالمدرس إلى حيث تكمن الحياة السعيدة، نكون قد رفعنا هامة من يتلقون على يديه ما يفتح الأفق، وما يزهر العقل، وما يثمر على أرض الوطن. فللمدرس قداسة، وله في الضمير الإنساني موقع الزهرة من الأرض الحصبة.
فشكراً للأيادي اللدنة، شكراً لعشاق الفرح في عيون الناس، شكراً لهم فهم مبدعو التفاؤل وهم صناعه، وهم الذين يضعون الحياة بين أيدي الناس، وكأنها قهوة الصباح معطرة بالهيل والزعفران، هؤلاء هم قادتنا، الذين حملوا رسالة الوطن بأمانة النجباء، وصدق النبلاء، هؤلاء بهم ترتقي القامات، وبهم ترفرف رايات مؤذنة بغد مشرق، وأيام مكللة بالظفر، متوجة بالفخر. تكريم المدرس هو عناية فائقة بمن يضع الكتاب بين أيدي الأبناء مشروحاً، ومنقحاً، ومصوغاً بسرديات الأولين الذين صنعوا من الكتاب مجد أمة، ومن الكلمة حضارة أضاءت دياجير العالم، وبالفكر كان حوار الحضارات الذي تخرج فيه ابن رشد وسواه من فطاحل الثقافة العربية وأفذاذها. اليوم والإمارات تقود مرحلة التنوير في العالم، تجد من الضروري بأن تفسح للمدرس جدول الفرح، وقوة الإرادة والمنعة، كونه الجسر المؤدي إلى الأهداف
السامية، وهو الشمس التي تغطي بأهدابها ظلام العالم، وهو النجمة التي تصدح في ليل الوجود لتنير دروب العابرين ليلاً، المارين من خلال شعاب، وهضاب، كي لا تتعثر الركاب، ولا تكبوا الجياد. هذه سجية بلد نشأ قادتها على الانسجام مع حاجة الناس، وتلمس متطلباتهم، وتتبع تطلعاتهم، والوقوف على آمالهم، وتلبية أمنيتهم، قادة نذروا النفس والنفيس من أجل إسعاد المواطن، وإضاءة الوطن بمصابيح الترف. هذه أحلام بهية تسير على الأرض، بأقدام راسخة، ورؤوس شامخة، هذه طريقة تفكير قيادة منقوشة بلون الحب، مسبوكة بذهب التفاني، والإيثار، لأجل أن يرتقي الوطن ويعيش المواطن في بحبوحة العيش الكريم، هذا يحدث في الإمارات، وبكل فخر يجد المواطن نفسه بين أيد لا يكف امتدادها، ولا يجف لها عرق، إنها في الحياة نواصي خبر سعيد، وسبر في كل يوم يأتي بجديد، هذه هي حكاية وطن تلاقت فيه الأغصان فانتعشت الأرض بظلال وفيئ، جعل الإنسان عشبه وخصبه، والكائنات تحلق مندهشة لهذا العرس البشري، مشدوهة لهذا الحفل الكوني، تقوده بلد عرفت كيف تعزف
القيثارة، عندما تشرق شمس الصباح، مهللة بميلاد وطن سقيا أعشابه من عرق الأيدي الأمينة.