لك مني في كل يوم خفق قلبي وشوقي حين ابتهج بذكرك كاخضرار الرياحين في هذا الفضاء الرحيب. ولك فتنة الورد حين يزهو بلمسة يدك ويرش عليك عطره. وها هو الفل يتفتح ويغدق عطر المحبة على نافذة ليلي، وأنا في انتظار صباحك وقبلتك حين تطلين علي كما يقبّل الندى شوق الغصون. فيا خالتي الشاعرة المبدعة في رأفة الفجر وغموض السحر. لك اختيال الطيف ينسل متّئداً في ثنايا الظلال. ولك أغنيات الشوق في حنين الكناري. لك همهمات الجناح في حنو المساء. لك آية الحب منزلةً بين شمس الضحى وضياء القمر. لك زهو قلبك حين يكتظ بالحب لأبنائك ولي ولكل من حولك حين ترخين على الكون طيب السلام. لك أحلام السنين المقبلات. ولك فتنة قصائدك التي تبدعينها بتلقائية وعفوية حين تتألق كأنوار الشعاع. وإذا راوغ الظل لظىً أو هجيرا تدركين بأن اللظى والهجير ليسا سوى وهم يؤرجحك بين تيه النهايات وبين ابتداء المغيب. لكنك تنهضين ولا تستكينين للوهم ولا للعتمة. ولم تنصتي يوما كامرأة لطقوس الخنوع. لأنك كنت تهطلين كما يقتضي الغيم حين ترج رياح مواسم الخصب سخاء المطر. لأنك أنت طينة الخصب وقصائدك سخاء الثمر.
ألست أنت المرأة التي نسجت قصائدها بضياء النجوم، وأرخت لأحلامها سهوب الأماني. وكنت تنادين أبناءك حين ينسون في غمرة انشغالاتهم: إلي.. إلي بعطر العود والعنبر ومسك الطهور.
فقد أيقن الطين أن الحقول تماهت بأيقونة الماء، لأن الصباح مجد النساء، إذا يقظة الروح همّت وأن الضياء خطى كل امرأة كشفت سرها للضياء. فيا خالتي الغالية كنتِ وما زلتِ لك مجد أبنائك الرافلين بعزة قلبك، ودليلك للدرب حين ارتباك الخطى كأنهم النهر ريان يدفق في خلايا دمك. كأنهم الأنجم حين اشتداد العتم.
إذا أقبل الصبح قلت: وُلدتُ، وإن أقبل الليل قلتِ: اهتديتُ. وخطت يداك بشائرها بجمال الشعر على صفحات الوجود.
فتأود كما تشتهي أيها الزمن الرافل في هدأة الكون. تأود في صحوة الحالمين واعبر خفيفا إذا شئت في غفلة المطمئن. فليست خطاك سوى زينة النقش على صفحات الجسد، فتعالي إلي واهدئي في حضن قلبي الذي يمضه الشوق كل ثانية إلى ابتسامتك التي تنهض بي من وهدة الهم والقلق وتشرق كالفجر علي. فلا تجعليني أوغل في انتظارك لأطمئن وتنهض أغصان الأشجار التي شوحتها حرارة الطقس، مزهوة من فيض اخضرارك!