اليوم ونحن نتابع ما يحدث في عالم فقد البوصلة وصارت الديمقراطية مثل قمصان بعضها شتوية وأخرى صيفية وكثير منها لعدة مناخات، وفصول وطقوس، وأجواء احتفالية، وأحياناً لمنغصات سياسية، وكدرات أيديولوجية، وفي نهاية الأمر، لا يعيش الإنسان في هذا العالم إلا تحت أضواء خداع بصرية هي أشبه بفانتازيا البهلوانيات على مسارح اللهو، والمتعة ولا شيء غير ذلك. عندما تتملى الخارطة العالمية، وتتتبع التضاريس، وتنظر إلى دول اكتسبت سمعتها من خلال رسوم متحركة وصور لاهوتية ترسخت في ذهن الناس بأنها هذه هي الديمقراطية، وعلى دول العالم أن تسير في ركبها، وتنضم إلى فلكها إلا لاقت العذاب الشديد، والبأس والتنديد. 
الأمثلة كثيرة، وإذا كان الناس عاشوا ردحا من الزمن يغطون تحت دثار هذا الطقس الأيديولوجي المخيف، فإن الوعي اليوم أصبح أكثر إدراكا بأهمية الحفاظ على دور الدولة القومية في تحديد مسار نهجها لمصلحة شعبها، ولا حاجة لأحد بأن يتلقى الدروس والمواعظ من لدن آخر، يضمر أكثر مما يظهر، وهنا تقع المضلة في العالم عندما تصبح الإملاءات مثل أشعة ضوئية يلقيها القوي على الضعيف كي لا يرى أبعد من أخمص القدمين، ويتبع ظل القوي ليحمي نفسه من شره وغضبه. 
هذه هي محنة العالم على الرغم من قرون من التطور التكنولوجي وتوسع الوعي، إلا أن الأنا الغابية لم تزل تفرض سطوتها على البشرية، ولم تزل تمارس نفوذ القوي على الضعيف، وتبتز، وتستفز، ولا تدع الحياة التي يتمناها كل ذي عقل وبصيرة، بأن تستمر في سيولتها، وسكينتها. وكم هو العالم بحاجة إلى التضامن، والتسامح، وافتراش بسط الحب، كوليمة لحياة تجعل الناس أجمعين يعيشون في وئام وانسجام، ولا يدعوا الأنانية تعرقل طريق الحضارة، ولا يتركوا لشيطان الجبروت بأن يغرس مخالبه في جسد عفة الطبيعة. نحن بحاجة إلى الحب، ولسنا بحاجة إلى نفخ عضلات الكراهية.